الزلزال.. لكنْ بروحٍ شبابيّة وقّادةٍ!
تشرين- حنان علي:
لوحاتٌ بثّت الحياة في رمادي الكارثة، الأمل أطلقته أحلام راسميها.. اليأس الذي تاه عن المشهد والموت وانهزم طغيانه بين الأرجاء، إنه الفهم المتمايز للكوارث والرؤى الشبابية الآسرة.. تقبل للألم و إشراق بالألوان بين أركان معرض الزلزال المقام في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق.
«يجمع المعرض الشباب بأفكارهم الواعدة»، هذا ما أشار إليه مدير المركز الوطني للفنون البصرية الدكتور غياث الأخرس مؤكداً أن: «الشباب الذين احتضنهم المركز ليكبروا فيه، أشعلوا شغفهم في لوحات غابت عنها الحجارة المتصدعة أو الأعمدة المنهارة ليحل محلها الإنسان أولاً».. وعن رأيه في اللوحات المترعة بالألوان والروح الشبابية قال الأخرس: «أعتقد أنه المعرض الأفضل من بين الورشات المقامة في المركز، إنه يضاهي أعمال فنانين كبار من حيث الحساسية وجاذبية الألوان.. مثل هؤلاء الشباب كمثل بذرة أطلقت عنان برعمها الأول بمجرد أن اكتنفتها تربة خصبة»..
وبسؤاله عن أي تدّخل شخصي في الأعمال المعروضة بوصفه المدرس لـ17 عاماً في كلية الفنون الجميلة أجاب الأستاذ الأخرس: «لا أجبر أحداً أو أتدخل مصححاً بل أحاور مناقشاً، كي أترك للفنان الشاب حرية المضي قدماً في لوحته مبدياً أفكاره بكل شفافية».. وعن رأيه في حالة الفن إبان الأزمة السورية أجاب الفنان المخضرم: «المواهب جيدة وغزيرة في البلاد، لكن (الكومونسيونجية) طاغون أكثر، الفن حاله حال الأدب يحتاج إلى مناخ ملائم ودعم دائم.. بدأتُ منذ زمنٍ باستقطاب المبدعين إلى بيتي قبل العمل في هذا المركز»..
الدكتورة جيهان حجة الأستاذة في كلية الفنون الجميلة عبرت عن رأيها في المعرض بالقول: «جمالية المعرض كامنة في تنوعه، كلٌّ عبّر برؤيته وطريقته الخاصة.. اللون ظاهر جداً، لوحات ضخمة تحمل الجرأة إضافة إلى تحدٍّ للذات وطموح وشموخ طاغ لا نجدهم عند الفنانين الكبار.. الأبيض والألوان الزاهية جسدت ظاهرة الأمل في مواجهة الموت والقهر، وهنا تكمن روح الشباب.. معرض زلزال يعكس الرضا والبداية الجديدة».
«إنه تظاهرة بكل معنى الكلمة» هكذا أطلق عليه الأستاذ محمد العلبي المدرس في كلية الفنون الجميلة: «أكثر من معرض في معرض واحد، اللوحات معبرة، صادقة وحقيقية.. تناولت بعضها الزلزال بشكل مباشر بينما أقصته غيرها.. أهنئ الشباب على انجازهم للأعمال بهذه البراعة والسرعة»..
مصطلحاتٌ تشكيليّة مميزة نراها في لوحتين شارك بهما الفنان وسام الشعبي خريج الفنون الجميلة الذي تحدث عنهما بقوله: «استخدمت أدواتي الخاصة من ألوان وخطوط ورموز، مكرساً الحالة الإنسانية لما بعد الزلزال، فمن خلال الأزرق على سبيل المثال عبرت عن ملامح مبهمة لأشخاص عانوا وعائلات متضررة، ما برحت الألوان التي استخدمتها تعكس حالة الأمل والإيجابية».
استخدم الرسام نوار سلوم أسلوب الواقعية والتجريد إضافة للباليت اللوني الخاص به، وسم لوحته بالقول: «اللوحة غير المحصورة بموضوع معين، تستجيب لعدة رؤى من المتلقين بحجمها الكبير والتفاصيل الكثيرة، محاولاً تأمين المتعة للمتلقي كي يغرق بتفاصيل اللوحة للبحث عن الأسئلة والأجوبة معاً».. أما الفنانة لينا حمزة فقد استخدمت المواد الأساسية للبناء من أسلاك ومواد خام وذلك: «كي تعطي إحساس الأبنية الحقيقية في ظل طغيان اللون الرمادي الذي صاحب مشاهد الزلزال، لقد ركزتُ على الأطفال الناجين، فاستخدمتُ رسومات وألوان الطفولة التي تعبر عن الحياة». كما قدم الفنان أحمد بلان لوحتين في المعرض ذات موضوعات فنية بامتياز: «جمعت الأشكال المحببة لدي وحولتها إلى سيمفونية لون».. أمّا الفنانة لين الصالحي فقد استغلت فكرة فوضى الزلزال وما بعده في لوحتها قائلة: «ساءني الضرر الذي أصاب التراث إضافة إلى الكوارث الأعظم المتجسدة بالضياع والجهل بالثقافة، لذلك حاولت تجسيده بالحضور البسيط للعود موجهة رسالة عبر اللوحة لإعادة الاهتمام بالحرف والمهن التراثية التي تضررت في قلعة حلب».
وكانت وقفة «تشرين» الأخيرة مع الفنانة شيرين حسين خريجة التصوير و لوحتها الضخمة المترعة بالجمال بالقول: «تجربة مهمة و مختلفة في مسيرتي الفنية بمساعدة المكان الرائع الذي منحني حرية كبيرة لإنجاز ما أصبو إليه».