عن حفلات الأوركسترا وطقوسها
تشرين- إدريس مراد:
عند تأسيس دور الأوبرا «المسارح الكبيرة» في أوربا ترافقت معها طقوس لمرتاديها، إذ كانت الحفلات فيها توازي حفلات البلاط الملكي، وعدّتها الطبقة الأرستقراطية استعراضاً اجتماعياً، ففيها يرتدون ثياباً رسمية فاخرة لحضور العرض، وعندما توسعت دائرة الحضور لهذا الفن العريق، ولم يبق حكراً على الطبقة المخملية فقط، بقي لها طقسها وأسلوبها الخاص بالنسبة للمتفرج، وهكذا كان لفعاليات الأوبرا احترام وهيبة استمرت ليومنا هذا، إذ يشترط الدخول بلباس رسمي لحضور أي احتفالية سواء كانت أوبرالية أو حفلاً للأوركسترا بشكل عام.
وصايا للحضور
واليوم في الدول الأوربية حيث العديد من المسارح الكبيرة تكتب وصاياها لمرتاديها على مواقعهم في وسائل التواصل، وعلى الأغلب توصي بالوصول قبل ثلاثين دقيقة من بدء الحفل على الأقل لإتاحة الوقت لركن السيارة، واجتياز فحص أمني سريع عند دخولك القاعة، والعثور على المقعد وإلقاء نظرة على كتيب البرنامج، وهناك من يعلن عن ندوة قبل الحفل بساعة للحديث عما سيقدم من أعمال كلاسيكية وشرحها ليتعرف المتلقي على ما يسمعه، يكتبون عن كل شي، عن اصطحاب الأطفال مثلاً، عن اللباس، عن المشروبات والأطعمة المتوفرة في الصالة المخصصة حيث توجد صالات كهذه في أغلب المسارح الكبيرة.
أسئلة من المتلقي
على موقع إحدى الصالات يسأل أحدهم، ماذا لو وصلت متأخراً، يردون عليه، إذا وصلت بعد بدء الحفلة الموسيقية، سيتم جلوسك من قبل المنظمين في البهو، ويمكنك المشاهدة والاستماع من إحدى الشاشات الحية، لحين القسم الثاني من الحفل، ويسأل الثاني، ماذا لو اضطررت إلى المغادرة مبكراً، يجيبون عليه، يمكنك القيام بذلك أثناء الاستراحة، فأثناء أداء الفرقة ينبغي تجنب إزعاج الآخرين، أو بعد انتهاء القطعة الموسيقية، وفي بعض الحالات التي لا توجد فيها فترات توقف مؤقت، قد لا تتمكن من الدخول ثانية.
طقوس السيمفونية الوطنيّة السوريّة
وكما للحضور طقوسه أيضاً للأوركسترا أو الفرقة أيضاً، ولا تتبع الأوركسترا نمطية واحدة في الحفلة بالنسبة للدخول والجلوس، ولكن سنعرض ما تتبعه الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، إذ يجلس الجمهور في مقاعد مخصصة لهم حسب تسلسل أرقام بطاقاتهم، منتظرين خروج الفرقة من الكواليس، وعند إغلاق أبواب الصالة يدخل العازف الأول الذي هو عازف آلة الكمان حصراً، يتبعه عازفا الكمان والفيولا ومعهما من الجهة الثانية للمسرح يظهر عازفا التشيللو والكونترباص، تتبعهم النفخيات الخشبية والنحاسية ومن ثم عازفو الإيقاع ويرافق دخولهم ترحيب الجمهور.
يبدأ العازف الأول باختبار دوزان وجاهزية الفرقة والآلات، ويجلس أعضاء الفرقة في أماكنهم منتظرين دخول قائد الأوركسترا «المايسترو»، ولحظة دخوله تقف الفرقة بأكملها ترحيباً به حيث يصافح العازف الأول ويحيي الجمهور والفرقة معاً، ويتجه للفرقة معطياً إشارة للجمهور بالصمت ليبدأ الحفل، وعند وجود ضيف سيرافق الفرقة في حفلها سواء كان موسيقياً أو مغنياً يدخل القائد إلى الكواليس ويرافق الضيف إلى الخشبة كنوع من الترحيب والاحترام لشخصه.
ما لايجوز
أثناء الحفل لايجوز التصفيق بين حركة وأخرى يتألف منها العمل الموسيقي الواحد، إذ يمكن للحضور أن يبدي إعجابه بالتصفيق عند انتهاء العمل الموسيقي بشكل كامل، كما يمنع أثناء الحفل التصويرلأن صوت وإضاءة آلة التصوير يمكن أن تربك أعضاء الفرقة وتشتت اندماج الحضور، كما يشترط إطفاء أجهزة الهواتف النقالة داخل القاعة ويمنع التحدث أو التعليق أثناء العزف، وكل هذه التقاليد تصب في إطار احترام جهد الفرقة واحترام طقس الأوركسترا الذي يسعى للتواصل مع الحضور عبر عقلهم وعواطفهم من خلال حاسة السمع التي يشتتها أو يقطع تواصلها مع الموسيقا أي حركة تصدر من غير الفرقة.