فايز الصايغ في أمان الله
تشرين- محي الدين المحمد:
محزنٌ جداً خبر رحيلك أيّها الفارس الذي امتطى صهوة الكلمة المسؤولة، وعبّر بكل صدقٍ عن أفراح الوطن وأحزانه ومشكلاته….وجهه الصبوح البشوش هو الذي ارتسم في مخيلتي منذ لقائي المهنيّ الأول في صحيفة«تشرين» وبمناسبة عيد الجلاء عندما أخبرني أنه سينشر موضوعي عن المناسبة في الصفحات السياسية، وليس في صفحة التحقيقات كما كان مقرراً …وعلى فنجانٍ من القهوة دار حديثٌ شعرت فيه بأنني أعرف هذا الرجل من قبل….كان الحديث مع فايز الصايغ أمين التحرير للشؤون السياسيّة (آنذاك)ومع هشام بشير أمين التحرير للشؤون المحلية يحمل في طياته الكثير من الود وإيصال الخبرة، ويرقى كي يكون درساً في أصول مهنة الصحافة بكثير من التواضع والثقة والمحبة والزمالة….تقلّد الزميل الراحل مناصب إعلامية عدة كمديرعام «سانا والتلفزيون ومؤسسة الوحدة» لكنه حافظ على تواضعه وتودّده لزملائه.
لقد كان جيلنا محظوظاً فعلاً لأننا تعلمنا أصول المهنة على يد أساتذة كبار.. الأستاذ الصايغ ومحمود كامل وجان ألكسان وأحمد شكري وأحمد صوان وغيرهم، إذ عوّضنا هؤلاء عن دراسة الصحافة أكاديمياً، ولم يبخلوا علينا بخبراتهم، كما علّمونا أيضاً أن أعلى مرتبة في الإعلام ليست في الوصول إلى منصب مدير عام أو رئيس تحرير وإنما الصحفي المحرّر الذي يكتب بأمانة وموضوعية.
قبل أيام قليلة كنت أستمع لإذاعة دمشق، وكم سررت عندما قرؤوا مقالاً للأستاذ فايز الصايغ الذي لم يتخلَ عن كونه محرراً رغم شغله أعلى المناصب في الإعلام وفي البرلمان…وهذا ليس بسبب حبّه للصحافة فقط، وإنما لأن الهاجس الوطنيّ سكن ضميره، وبقي حماس الشباب والتمسك بالثوابت والتعبير بالقلم والروح حتى اللحظات الأخيرة.
إن رثاء الأصدقاء مؤلمٌ جداً، وعند رحيل أي زميل أتذكّر مالك بن الريب عندما رثى نفسه، وأتمنّى أن أمتلك الجرأة وأرثي نفسي، إذ تلحّ عليّ هذه الفكرة، كلما رحل زميلٌ من زملاء الدرب الذين يجدّدون برحليهم ندوباً لايمكن شفاؤها.
فايز الصايغ وداعاً…الرحمةُ لروحك والصبرُ والسلوان لأسرتك وأصدقائك، ولا حول ولاقوة إلا بالله.