رواية «شمس اليوم الثامن» لإبراهيم نصر الله تصدر في بيروت والقاهرة ورام الله
تشرين- نضال بشارة:
بعد أكثر من عشرين رواية وخمسة عشر ديواناً شعرياً، صدر للأديب الفلسطيني إبراهيم نصر الله عن الدار العربية للعلوم، بيروت، رواية جديدة بعنوان «شمس اليوم الثامن» التي يمكن عدّها «الطفولة الثامنة» من روايته «طفولتي حتى الآن»، متصلة بها ومستقلة عنها في آن، فإذا كانت «طفولتي حتى الآن» مكرسة لطفولة الحفيد، فإن الثانية مكرسة لطفولة الجدّ.
جاءت الرواية في 136 صفحة، وفي تقديم الناشر لها قال: إنه بانضمام هذه الرواية إلى مشروع «الملهاة الفلسطينية» يكون إبراهيم نصر الله قد أضاف مذاقاً، ومختلفاً تماماًعن كلِّ ما سبق أن قدَّمه في روايات «الملهاة» من قبل؛ بل هو مختلف عن كلِّ ما قدَّمه في أيّ مِن رواياته. وهي بالطبع ستحتضن كما « طفولتي حتى الآن» سيرة شعب فوق الانتكاسات، وفوق الموت، وستدعو للتحليق فوق المخيم.
الاستثناء والسحر
يذكر أن الروائي والناقد الراحل فاروق وادي قد قدّم لتلك الرواية بالقول: «على الرّغم من أنني قرأت جميع أعمال إبراهيم نصر الله الروائية، بلا استثناء، لكن سحر «قناديل ملك الجليل» ظل طاغياً في عقلي ووجداني، لم يزاحمها من أعمال إبراهيم السردية على هذه المكانة إلا رواية «طفولتي حتى الآن»، وهي عمل ساحر بمواصفات فنية إبداعية أخرى، جديدة ومختلفة، وفي مقارنة شفاهية بين العملين، قلتُ لإبراهيم: إذا كانت «القناديل» هي رواية عقلي التي نهضت على سرد إبداعي واستقصاء بحثي تاريخي لم يحُلْ دون بهاء التخييل بأجنحته المحلقة، فإن «طفولتي حتى الآن» هي رواية قلبي التي ارتبطتُ بها وجدانياً أكثر من غيرها، لما فيها من عناصر السيرة، أو شبه السيرة، بكل ألقها وحميميتها التي لم تحُلْ دون جنوح الخيال وانطلاقته الحرة.
الآن أستطيع أن أقول: لسنا بحاجةٍ لإنسان نشيـخُ معه، بقدر ما نحن بحاجة لإنسانٍ نبقى معه أطفالاً».
استعادة إبداعية
أمّا رواية «شمس اليوم الثامن» التي تدور أحداثها في فلسطين عام 1900، التي سيتضح لنا دور أمّ الكاتب في كتابتها، الأم التي تعرّفنا إليها في روايته «طفولتي حتى الآن». يقدّمها لنا الروائي ذاته فيسرد لنا قصة كتابته لروايته هذه فيقول: سمعتُ حكاية جدّي مع جَـمَلِه أكثر من مرّة من أُمّي، خلال طفولتي، إذ كانت تفتخر بها كإرثٍ شخصيٍّ لا يملك أحدٌ مثيلاً له، وسجَّلتُها في مطلع التّسعينيّات من القرن الماضي، فكان عدد كلماتها 498 كلمة، واستخدمت أجزاءَ من أحداثها في رواية «طيور الحذر، 1996»، ثم كانت موضوعاً لواحدة من قصائد ديوان «بسم الأم والابن، 1999».
حين رحلتْ أُمّي في نهاية تشرين الأوّل، أكتوبر، 2019، كانت هذه الحكاية هي الأكثر حضوراً بالنّسبة إليّ، إذ بتُّ – مثلما كانت أُمّي- أفتخرُ بها كإرث شخصيٍّ. وربما ما يجعلني أقول إنّها إرثٌ شخصيٌّ – حتّى الآن- هو أنّني لم أقرأها من قبل؛ وقد قرأتُ الكثير جدّاً من الكتب الّتي تضمّ حكايات شعبيّة.. ولم أسمعْها من أحد؛ رغم أنّني سجَّلتُ الكثير من القصص من أفواه النّاس مباشرة.
لسببٍ ما، أحسستُ أنّ كتابةَ هذه الحكاية، روايةً، أجملُ هديّة يمكن أن أُقدِّمها لروح أُمّي. ولكنّني أدركتُ بعد كتابتها، أنّ هناك شيئاً نسيتْ أُمّي أن تقوله لنا؛ لأنّ الحكاية بقيتْ مُعلَّقةً، بل تحتاج إلى نصف آخر، وربما تعمَّدتْ ألّا تقول لنا القصّة كلّها، لعلّ أحد أبنائها يُكملها على طريقته، وبذلك يخلِق إرثاً جديداً لمن سيأتون من بعده من أفراد العائلة! وها أنا قد فعلت حينما كتبتُ ما سمعته منها وكتبت النصف الثاني، مُتمِّماً ما رأيتُ أنّه قد غاب من أحداث قصّة يبدو أنّها لا تنتهي.
فتنة سردية
الرواية محتشدة بفتنة سرديَّة قادرة على توحيد أرواح القرّاء بمختلف مستويات وعيهم وأعمارهم، في عمر واحد؛ هو عمر الرّوح الصافية في براءتها واتساع جوهرها وبحثها عن أجوبة مؤسِّسةٍ لمعنى وجودها؛ بكل ما في الخيال من معنى وجمال وحريّة وسِحر، من خلال استلهام عذبٍ للموروث الشّعبيِّ، مساهماً في نسج خصوصيتها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الرواية ستصدر أيضاً، بعد أن تمَّ الانتهاء أيضاً من ترجمتها إلى الإنجليزية، في طبعة خاصة بفلسطين عن دار طباق في رام الله، وطبعة خاصة بمصر عن دار مكتبة تنمية، القاهرة.