حماة وسليمان العيسى.. ذاكرةُ حياة وكثيرٌ من الحب

تشرين- رنا بغدان:
«قامة أدبية شامخة أعطت أطايب الفكر, رددت شفاه أطفالنا أناشيده العذبة, جمعت شخصيته بين الأصالة والمعاصرة، كان الرائد الأمين في الحفاظ على لغـته الأم الفصيحة في جميع الفنون الأدبية التي أبدع فيها شعراً ومسرحاً ومقالاً وترجمة, وكان يمثل منظومة من القيم السامية والمناقب العالية نبلاً وطيبة يزين ذلك كلَّه حبٌّ ووفاء لتراب وطنه، فكان شاعر العروبة والطفولة والمقاومة, وكان نِعمَ الرائد في فكره النيِّر، ومسعاه الخيِّر»… كلمات مقتبسة من شهادة الدكتور محمود السيد رئيس مجمع اللغة العربية في الشاعر الكبير سليمان العيسى في الذكرى العاشرة لرحيله ألقتها د. رود محمد خباز عميدة كلية الآداب في جامعة حماة خلال افتتاح محاضرة فكرية نوعية قدّمها الدكتور راتب سكر بعنوان «حماة والأديب المعلم سليمان العيسى.. ذاكرة حياة وكثير من الحب» مستعرضاً في محطاتها المتنوعة أدب الشاعر سليمان العيسى وسيرته، مستلهماً صوراً من صلاته الوجدانية العميقة بصحبة أدباء ربوع العاصي ومثقفيها.
بداية تحدّث د.راتب سكر عن ولادة سليمان العيسى عام 1921، في قرية «النعيرية» من لواء اسكندرون ونشأته وتتلمذه على يد والده الشيخ الذي كان معلماً لمعظم أبناء تلك القرية، وكثيراً ما يذكر الشاعر في أحاديثه أن شجرة التوت التي كان يجلس تحتها في منزله ليحفظ روائع الشعر العربي هي التي شهدت أولى إبداعاته الشعرية، ولكن لم يلبث وهو الطالب في الصف الأول الإعدادي أن اضطر إلى السفر مع أقرانه الطلاب في لواء اسكندرون إلى مدينة حلب لمتابعة تحصيلهم الدراسي، غير أن تدخل سلطات الانتداب الفرنسي في حلب اضطر القافلة اللوائية إلى السفر من جديد حتّى إذا وصلت إلى مدينة حَماة سيّجتها الحركة الوطنية الناهضة بسياج من مودتها القادرة على حمايتها وعلى تأمين مستلزمات الإقامة والدراسة.. وبذلك أصبح سليمان واحداً من طلبة الحلقة الإعدادية في القسم الداخلي لتجهيز «حَماة» عام 1937، فعاش سليمان عام التشرد الأول على ربوع العاصي ينشد القصائد في الأندية والمناسبات ليصبح أحد أبرز الرموز الأدبية والوجدانية.
ويتابع د. سكر فيقول: أكمل تحصيله الدراسي في ثانوية «جودة الهاشمي» في دمشق مع أقرانه خاصة الذين شاركوه محنة التشرد من لواء اسكندرون، وقد كان لأستاذهم المناضل البارز «زكي الأرسوزي» دوره المتميز في شحذ هممهم وتحويل مشاعرهم اللاهبة إلى فعل سياسي يومي منظم، وشارك سليمان رفاقه في كتابة القصائد والمقالات في الصحف وفي الاجتماعات الأولى لأولئك الثائرين الحالمين الذين ولد من رحم أحلامهم «حزب البعث العربي».
سافر سليمان سنة 1944 إلى العراق في بعثة تعليمية وأصبح طالباً في دار المعلمين العالية ببغداد ليلتقي بدر شاكر السياب، ثم عاد أواخر الأربعينيات يحمل الإجازة الجامعية في الأدب العربي، وأصبح مدرساً في ثانويات حلب وسرعان ما أصبح اسمه يزين المنتديات الأدبية والثقافية بمشاركة رفيقة دربه «ملكة أبيض» التي التقى بها سنة 1950 واشتركا معاً في مجالات الترجمة والبحث والتأليف ليزودا منذ عام 1960 المكتبة العربية بعشرات الكتب والأعمال الأدبية والفكرية المترجمة.
ويتابع د.راتب ويقول: في أواخر الستينات انتقل سليمان للإقامة في دمشق وقد أصبح الموجه الأول لمادة اللغة العربية في وزارة التربية، وكانت باكورة عطائه إدراج بدر شاكر السياب في مناهج الصف الثالث الثانوي الأدبي, وكان يشارك في انطلاقة غير مؤسسة أدبية ثقافية، وفي مقدمتها اتحاد الكتاب العرب الذي انتخبه عضواً في مكتبه التنفيذي، وقد راح أدب الأطفال يأخذ مساحة واسعة من مساحات عطائه الأدبي حتى غدا أحد أبرز أعلامه في الأدب العربي المعاصر كما يرى صديقه الأديب اليمني«الدكتور عبد العزيز المقالح».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ اللجنة القضائية العليا للانتخابات تعلن في مؤتمر صحفي نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك ما الغاية والهدف من إقامة معسكر تطوير مهارات كرة السلة للمواهب الواعدة ؟ "لوثة" تنعش سوق الاستطباب الخفي في سورية.. اضطراب تشوه صورة الجسد حالة نفسية تلاحق الجنسين..والنتائج غير حميدة ترامب ومؤيدو بيتكوين.. العملات الرقمية مخزن للقيمة وأداة للتحوط ضد الاضطرابات السياسية لتاريخه.. بعض الفلاحين لم يقبضوا ثمن محصول القمح في منطقة الغاب!.. والمصرف يبيّن: الفلاحون يأملون إعفاءهم من ديونهم السابقة المنازل الخشبية " تريند" فيسبوكي يبحث عن بوّابة للنفاذ إلى البيئة السورية..حلّ رشيق لأزمة السكن بانتظار الدراسة الجادّة رغم أن الموسم ليس معاوماً .. "زراعة اللاذقية" تقدّر إنتاج الزيتون بنحو 48 ألف طن