لوثة مجتمعية تجتاح بيوت السوريين.. الأهل يفاخرون بالشهادات والأبناء يتساءلون عن جدواها
تشرين- دينا عبد:
لم تكمل السيدة رباب تعليمها بسبب زواجها في وقت مبكر، فبعد اجتيازها المرحلة الإعدادية وحصولها على شهادة التعليم الأساسي؛ قرر والداها تزويجها بحكم العادات التي كانت سائدة في ذلك الوقت، مبينة لـ” تشرين”: أنها كانت تتمنى أن تتابع دراستها، وكان حلمها أن تكون لدي صيدليتها الخاصة، ولكنها لم توفق بذلك نظراً للظروف العائلية التي مرت بها.
هذا هو السائد، فكل فرد سواء كان الأب أو الأم لم يحالفه الحظ بإكمال دراسته، يتمنى اليوم أن يحقق حلمه في أبنائه.
وفي هذا السياق يبين الاستشاري التربوي د. عزام القاسم أنه يجب التمييز بين الأنواع الثقافية للأفراد، وهل لها علاقة بدرجة التعليم، فالثقافة قد لا ترتبط بالعلم، من الممكن أن نجالس أشخاصاً ليسوا متعلمين أو دارسين، لكن هم على مستوى عالٍ من الثقافة، قد تكون ثقافة مجتمعية- تاريخية .. ؛ وهنا يجب التمييز أن هناك أشخاصاً لو كانوا متعلمين فإن الثقافة لديهم هي المال؛ فمنهم من يفكر بأن المال يأتي من العمل، وعلى العكس هناك من يقول إن المال يأتي من الشهادة.
والبعض من الأهمية لديهم أن يكونوا حاصلين على شهادة أكاديمية حتى ينالوا مركزهم في المجتمع.
تحصيل الطالب
ومن الملاحظ بحسب د. القاسم أن التحصيل المدرسي والجامعي هو حصيلة التفاعل بين مجموعة من العوامل، البيئية والتربوية والعوامل الشخصية التي من أهمها المستوى العلمي للوالدين.
استشاري تربوي: هناك أهالٍ يحققون حلمهم في أبنائهم لأنهم لم يكملوا تحصيلهم العلمي
فالأسرة تعمل على توفير البيئة المنزلية المهتمة بالتعليم، والتي تدعم التعليم المدرسي وتسهم في تحقيق أهدافه وتدعم الابن من مراحله الأولى، وتعزز طموحاته وتوفر له فرص العمل المتنوعة.
والنقطة المهمة التي نود الحديث عنها هي في حال كان الأهل حاصلين على شهادات عالية، فليس بالضرورة أن يكون هذا الشيء عند أبنائهم والعكس صحيح؛ للأسف بسبب تدهور الحالة الاقتصادية بتنا نرى أن من هو حاصل على شهادة جامعية يعمل بأي عمل إضافي لا علاقة له بالشهادة التي يحملها.
المعروف أنه كلما ارتفعت ثقافة الأسرة، زاد الاهتمام بتحصيل الطالب من جوانب عديدة من حيث المتابعة والاهتمام ومعرفة نقاط الضعف؛ ومن المؤكد عندما يكون الأب أو الأم أو أحد الأبوين متعلماً وبشهادة عالية، ويمارس العمل حسب الدراسة، فالطفل منذ بداية نشأته سيلاحظ المكانة الاجتماعية التي حصل عليها والده، والإيراد المادي الذي يحققه نتيجة الشهادة التي تعب حتى وصل إلى ما هو عليه.
العامل الاقتصادي
لكن بالمقابل هذا الكلام ممكن أن يحدث ردة فعل عندما يكون الوالدان حاصلين على شهادات جامعية، ولا يستطيعان العمل بها، أو تحقيق دخل مادي جيد، أيضاً هذا سيحدث ردة فعل عند الابن، العامل الاقتصادي هو الذي يلعب دوراً، فعندما يرى والديه يعملون بنفس المجال الذين هم متخصصون فيه، ويحققون وفراً مادياً وحياة كريمة فهو( بالمحاكاة والنمذجة) سيكون مقلداً ويحاول أن يصبح مثلهم.
وهنا السؤال: عندما يكون الأب جامعياً أو أكاديمياً، هل من الضروري أن يصبح ابنه مثله؟
بالمحاكاة والنمذجة يحاول الابن تقليد والديه
يجيب د.القاسم: التفاوت بموضوع الوظائف بغض النظر عن نوعها يكون متنوعاً وهذا ما سيبني المجتمع؛ عندما يكون الوالدان حاصلين على شهادات، ليس بالضرورة أن يكون لدى الأبناء المقومات نفسها، التي جعلت أهاليهم يدرسون فرعاً معيناً؛ واجب الآباء بغض النظر عن المستوى الثقافي والأكاديمي أن يتيح لأبنائه المجالات المتعددة للتعليم ؛ فالأهل هم الذين ينصحون أبنائهم بالدراسة الأنفع لهم.
الضغوط على الأبناء
ما نلاحظه في المجتمع هناك أهل غير دارسين ولم يكملوا تعليمهم يرغبون في أن يتعلم أبناءهم، ويحصلوا على أعلى الشهادات، ففي هذه الحالة نجد أن هناك ضغوطاً على الأبناء، لجهة أن الأهالي لم يكملوا تعليمهم لظروف معينة، ويرغبوا في تحقيق حلمهم في أبنائهم؛ وحتى يكون الشاب فعالاً في مجتمعه ليس من الضروري أن يكون أكاديمياً أو طبيباً أو مهندساً؛ هناك أشخاص فاعلون في المجتمع ولكن لا يحملون شهادات أكاديمية، لذلك يجب الانتباه إلى الموهبة الموجودة لدى الابن من صغره، وحتى بلوغه سن الشباب، وما الميزات التي يملكها حتى أنمّيها له لأنه سيبدع في اختيار المجال الذي يريده.
وأخيراً: الأسرة المثقفة هي الركيزة الأولى التي تزيد التحصيل الدراسي للابن وتدعمه، وهو ليس أمراً سهلاً، إلّا إذا قام الأهل بتوجيه الأبناء توجيهاً تربوياً وتعليمياً، فيصبح الابن أكثر اندفاعاً نحو إحراز النجاح والتفوق.