رغم أنه استثمار مجزٍ.. المخترعون خارج “مقصورات العناية” والظروف الصعبة تأخذهم بعيداً عن طموحاتهم
تشرين – منال صافي:
تشتعل بين الفينة والأخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام أخبار عن اختراعات يقدمها مبدعون لحل مشكلاتنا ـ وما أكثرها ـ ثم لا تلبث أن تنطفىء من دون أن تحدث أي بصيص أمل، فما السبب؟ وكيف نجيد استغلال هذه الثروة من المبدعين للخروج من مشكلاتنا الاقتصادية؟
عقول جبارة
يرى عصام حمدي، عضو جمعية المخترعين السوريين وصاحب العديد من براءات الاختراع ، أن المشكلة التي يعاني منها المخترع هي الإهمال وعدم الاكتراث لمنتجه من الجهات المعنية، ما يشكل إحباطاً لديه، بدليل أن عدداً من المخترعين الشباب تحولت اهتماماتهم إلى مجالات أخرى كالفنون والأدب، لافتاً إلى أن الغرب لجأ أثناء النهضة الصناعية عام /1850/ إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي الكبير لكل من يقدم ابتكاراً، وخاصة في مجال الصناعات النسيجية، وبما أن القطاع الاقتصادي “العام والخاص” في بلادنا لديه الكثير من المشكلات فيجب عليه استثمار أصحاب العقول المبدعة لحلها، مؤكداً أننا نملك عقولاً جبارة وإنجازات وابتكارات مهمة، لكن لم تتبنُّها أي جهة، وللأسف المخترع ينفق من جيبه الخاص على اختراعه ، وبالتالي يحوّل جزءاً من الإنفاق على أسرته لمصلحة إنجاز اختراعه.
ولفت إلى إيجابية متمثّلة بالرسوم التي تتقاضاها جمعية المخترعين ، إذ إنها الأقل بين كل دول العالم ، وإلى التحسّن بطريقة الأداء والاستقبال ضمن دائرة الاختراعات والتعاون معهم .
هيئة للاختراع
ونوه حمدي بضرورة وجود هيئة عليا للاختراع ، ترتبط برئاسة مجلس الوزراء وتملك موازنة وهيكلية خاصة ومستقلة ، وإنشاء غرف ابتكار في كل غرف الصناعة والتجارة وفي كل وزارات الدولة لحل المشكلات التقنية التي تعترضها، فالمخترع لن يكلّف الكثير، لكن ما يقدمه قد يدرُّ المليارات على الاقتصاد الوطني . وطالب الجهات المختصة بالعودة إلى إضافة صفة «مخترع» على جوازات سفرهم لما كانت تقدمه هذه الميزة لهم من تسهيلات .
وأوضح أنه يسجّل سنوياً /200/ براءة اختراع لدى الجمعية السورية للمخترعين ، ولم تختلف وتيرة العدد بعد الحرب عما قبلها ، ماعدا السنوات الأولى للحرب انخفض العدد إلى النصف ثم عاد على حاله، وهو بالمجمل عدد محدود قياساً بدول أخرى ، وكان عدد المسجلين بالجمعية قبل الحرب/407/ أعضاء، توفي /27/ منهم خلال الأحداث وهاجر نصفهم .
ظروف صعبة
الدكتور عمار جوخدار ، الأستاذ في كلية الهندسة المعلوماتية ، أوضح أنه ضمن الظروف الاقتصادية الصعبة تصبح الأولوية على المدى القريب لدى الشباب هي العمل لكسب القوت، بدلاً من استثمار الوقت والجهد في أعمال إبداعية أو ابتكارات تحتاج إلى وقت لكي ترى النور وتعود عليهم بالمردود المادي على المدى البعيد ، وتتجلّى الصعوبات التي يعانيها المخترع السوري بالتكاليف المرتفعة لتأسيس الشركات في سورية ، وكذلك الضرائب وضعف السوق المحلية ، أي ضعف القوة الشرائية للشركات المتوقع أن تستفيد من هذه الاختراعات، وصعوبة العمل عن بُعد بسبب ضرورة توفر الخبرة من جهة وضرورة توفر حسابات مصرفية خارجية لاستقبال الدفعات بسبب العقوبات على سورية والتي تمنع تحويل العملة الصعبة إليها. ولا يستطيع المقيم في سورية فتح حساب مصرفي خارجها، إضافة إلى إحجام العديد من الشركات الخارجية عن التعامل مع السوق السورية لا كزبون ولا كشريك ولا حتى كمزود للتجهيزات، وذلك خوفاً من العقوبات.
مقترحات مفيدة
وقدم جوخدار جملة من المقترحات لدعم الابتكار لدى فئة الشباب ، ومنها إعفاء ضريبي غير مشروط للشباب تحت سنّ 30 عاماً، والسماح بممارسة الأعمال ذات الطبيعة الاقتصادية من المنزل لمن هو تحت 30 عاماً بموافقة الجيران وفي حال كانت طبيعة العمل فكرية لا تؤذي الجوار، وتسهيل استخراج السجلات التجارية بتكاليف رمزية للشباب ، وتوعية إعلامية واسعة بأهمية تشجيع المنتج المحلي من باب المحافظة على الشباب والمحافظة على الموارد المالية التي يأخذها الشباب معهم للتأسيس خارج البلد والحفاظ على القوة الشرائية التي يمثلها الشباب ، لكون الشاب ينفق في بداية حياته الكثير للزواج وتأسيس أسرة ومنزل أكثر مما ينفقه شخص تجاوز الأربعين .