الكشف على 2300 بناء ولا أضرار في العاصمة… وعميد معهد الزلازل يقدّر قوة الزلزال بـ 500 قنبلة نووية من تلك التي سقطت على هيروشيما

تشرين- أيمن فلحوط:
محاور ثلاثة كانت عنوان ملتقى البعث للحوار الأول لعام 2023 والذي احتضنه معهد الحرية (اللاييك) وأقامه مكتب الإعداد الإعلامي في فرع دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي، بحضور أمين الفرع محمد حسام السمان، ومحافظ دمشق محمد طارق كريشاتي، ولفيف من المهتمين والمتابعين.
ركز المشاركون في الحوار على الدراسات النفسية والاقتصادية والإنسانية لآثار الزلزال، والكوارث الطبيعية، وطرق التعامل معها ومواجهتها، في حين تمحورت التساؤلات حول توفر الأجهزة لدى فوج إطفاء دمشق للتعامل مع الزلازل، وتحديث الكود الزلزالي وجاهزية محافظة دمشق للتعامل مع تلك الحالات، وطرق مواجهة الشائعات في حالة الزلزال، وتدريب الكوادر المختلفة في أماكن العمل الرسمية لتكون عناصر مساعدة لفوج الإطفاء.
مناطق المخالفات الأكثر تأثراً
تطرقت عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث الزلزالية الدكتورة هالة حسن للخريطة العالمية للصفائح التكتونية والأجهزة العالمية التي سجلت كل الموجات الخاصة بالزلازل، وإلى الصدوع التي تفصل بين الصفائح التكتونية.

قائد فوج إطفاء دمشق: لدينا المعدات والتجهيزات الخاصة في التعامل مع الكوارث والزلازل

وكانت الطاقة المتحررة نتيجة هذا الزلزال تقدر بـ 7.8 درجات، وتعادل الطاقة التدميرية في قوتها 500 قنبلة نووية، من تلك التي ألقيت في هيروشيما باليابان أيام الحرب العالمية الثانية.
وبعد الزلزال تأتي الهزات الارتدادية، وهي تفريغ للطاقة والمرتبطة في الصدوع التي يصل طولها لمئات الكليومترات، وكانت لها تأثيرات كبيرة في مناطق حلب واللاذقية وحماة.
وكان لافتاً أن مناطق المخالفات هي الأكثر تأثراً في الزلزال، بعكس الأبنية الحكومية، أو المباني التي تقع ضمن التنظيم العمراني، التي كانت الأضرار فيها قليلة جداً، فالمنشأة الجيدة إنشائياً تتحمل لنحو 5 إلى 5.5 درجات، كما استعرضت الدكتورة حسن، المناطق الزلزالية التاريخية السورية من 1156 حتى 1922 موضحة بؤر الزلزال في الأعماق وعلى سطح الأرض.
وأجابت عن التساؤل..هل نستطيع أن نتنبأ بالزلازل؟
لا يمكن التنبؤ بزمن الزلزال، لكن يمكننا وفق الدراسة التاريخية لهذه المناطق القول: إنّ زمن العودة والتكرارية لهذه الشدة، قد نكشف على أساسها أنه بعد 200 سنة أو ثلاثين سنة، وهي ليست تنبؤاً، وإنما توقع بنسبة احتمالية قد تكون فرق بين عشرين إلى خمسين سنة.
محطات الزلازل
وعلى صعيد أجهزة الرصد بيّنت الدكتورة حسن أن هناك أجهزة تغطي كامل سورية، لكنها في الحرب خرجت العديد من محطات الزلازل عن العمل، نتيجة تخريبها من قبل العصابات الإجرامية.
وعادت لتؤكد أن الزلزال الذي حدث، فرصة تاريخية للدراسات ومتابعة المباني الهندسية، وتقييم مدى فاعليتها وتصميمها، وتطوير معايير الأمان، وأسهبت في شرح تفاصيل الأضرار الاقتصادية المتعلقة بانهيارات المباني وتصدعاتها.
فريق عمل واحد
قائد فوج إطفاء دمشق العميد الركن المجاز داؤد نصر عميري أوضح أهمية الاستجابة للكارثة أو الزلزال، من خلال العمل في محافظة دمشق كفريق عمل واحد، وغرفة عمليات مركزية مشتركة في المحافظة، وغرف عمليات فرعية، وأغلب الناس يظنون أن فوج الإطفاء بدمشق لا يعمل إلّا في مجال الحرائق، وهذه فكرة خاطئة، فالفوج وحدة من وحدات الجيش العربي السوري، معد لإخماد الحرائق، وإنقاذ الأرواح وإخلاء الناس العالقين، كما تتفرع عنه عشرة مراكز موزعة في محافظة دمشق تغطي المنطقة الجغرافية لدمشق.
أما غرفة العمليات فمجهزة باتصالات لاسلكية، وما على المواطن إلّا الاتصال بالرقم 113 ليقوم العامل بالرد عليه مباشرة، وتدوين العنوان المفصل ليوجه له الزمرة حسب نوع الحدث، إلى أقرب مكان لإخماد الحريق أو عملية إنقاذ أو أي حدث لدى المواطن، ولدينا عربات إطفاء مجهزة بالمياه ومادة الفوم الرغوي والبودرة الكيميائية الجافة، وكل مادة لها استخداماتها، فالمياه للمواد الصبة، الفرش المنازل، ومادة الفوم للمواد البلاستيكية والمواد البترولية، والبودرة الجافة لمواد الكهرباء أو للكهرباء ولخزانات الكهرباء.
وعلى صعيد الإنقاذ أثناء التعرض للمخاطر مثل الزلازل، لدينا عربات مجهزة بكافة أنواع العتاد الذي يحتاجه رجل الإطفاء، من مناشر خشب أو مقصات هيدروجية ومباعدات، ومعاول وحمالات حبال، ولدينا سلالم تصل ارتفاعاتها إلى 45 متراً، وهي مجهزة بمصاعد للقيام بعلميات الإخلاء للعالقين من خلال المصعد، وكاميرات حرارية.
واعتبر العميد الركن المجاز عميري أن السيشوار وتركه في الكهرباء عند انقطاعها، هو من أخطر الأنواع التي تتسبب بالحرائق، متمنياً على جميع الأسر الانتباه لذلك.
التداعيات النفسية للزلزال

تحدثت الاختصاصية في الصحة النفسية الدكتورة غنى نجاتي عضو الهيئة التدريسية الطبية في جامعة الشام الخاصة، عن التداعيات النفسية لما بعد الزلزال، وخاصة بعض الاضطرابات النفسية التي يمر بها الكثير من الأشخاص، ويخافون منها متسائلين: هل هذا الشيء طبيعي، وهذا ما لاحظته في مراكز الإيواء، باعتباري كنت من فريق الإغاثة لجامعة الشام الخاصة، الذي توجه لمنطقة الصليبة في محافظة اللاذقية، وما يمكن أن يسمى اضطراب متلازمة دوار ما بعد الزلزال، والذي هو إحساس وهمي بالدوار، ويترافق مع شعور بالغثيان، وانخفاض وارتفاع بالحرارة وعدم انتظام ضغط الدم، وتكون نسبته أكبر عند الأشخاص الذين سبق لهم التهاب الأذن الوسطى، أو أي التهاب بالأذن، وعلاجه يتطلب علاجاً دوائياً وهو ما ننصحه بتلك الفترة، وبالابتعاد عن استخدام الأدوات الحادة أو قيادة السيارات التي قد تؤذي الآخرين، أو يؤذي نفسه، وهذه الأعراض تزول بعد ستة أشهر بشكل تدريجي من دون أي تدخل دوائي.

اختصاصية نفسية: أهمية معالجة الآثار النفسية وتداعياتها ما بعد الزلزال

كما تطرقت الدكتورة نجاتي لنوبات الهلع التي تحصل نتيجة الأحداث الكارثية بحياة البشر، والتي هي فقدان السيطرة على النفس، والهلع والتوتر العالي سببه زيادة تدفق الأدرينالين في الجسم، ما يؤدي لاضطرابات في القلب وزيادة بالتنفس والتعرق. تشعره بنوبة عصبية، وسرعة بالتنفس وكأنه في حالة اختناق، من كثرة خفقان قلبه، وتتم المعالجة بتمارين التنفس والاسترخاء.
تدريب الشباب
وتمنت الدكتورة نجاتي أن يتم تدريب الشباب في أوقات فراغهم بالجامعات والمراكز الثقافية والمدارس على خطة إخلاء آمنة للطوارئ، ولنستفد من التجربة اليابانية في ذلك، التي تقوم على إجراء خطة الإخلاء، ويعودون لإكمال حياتهم بشكل طبيعي، حتى لو حصل حريق أو زلزال أثناء الدوام، فيتم إخلاء الشباب أولاً والمسنين آخر شي، ويسيرون برتل واحد أو اثنين من دون أي تدافع، ولا يحملون معهم أي أغراض سوى الأشياء الأساسية مثل الموبايل، والأوراق الضرورية فقط.
وهذه المسائل يجب أن ندرب عليها طلابنا وشبابنا لتخف لديهم نوبة الهلع، لأنه كلما أعطيت معلومات أكثر ازداد شعور الأمان النفسي عندهم.
وعلينا الابتعاد عن الشائعات، لأنها ليست سطراً قرأته في السوشيال ميديا يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الإنسان، وكثيراً ما كانت الشائعات تستخدم في الحروب لقوتها وقدرتها على الهيمنة والسيطرة على العقل البشري، وتالياً نعتمد على آراء المختصين في تبادل أي معلومة، ولا نأخذ بالآراء الشخصية للآخرين حتى لو كانوا من المشاهير، كفرانك الذي أدخل الرعب والخوف في عقول الناس بتوقعاته عن الزلزال وموعده.
لا أضرار في محافظة دمشق
بعد استماعه للمداخلات والتساؤلات بيّن محافظ دمشق محمد طارق كريشاتي أن المحافظة منذ الساعات الأولى للزلزال قامت بإرسال الآليات المختلفة لمساعدة الإخوة في المحافظات المنكوبة، ونحن حريصون أن تكون هناك إدارة خاصة بالكوارث منذ اليوم الأول بالتنسيق مع عميد المعهد العالي للزلازل، ومركز الأبحاث الزلزالية، ووزارة التعليم العالي وجامعة دمشق وكلية الهندسة المعمارية من أجل تحديث الكود السوري للزلازل.
كما كانت لنا حوارات عديدة مع المنظمات الدولية والجمعيات الإنسانية والمنظمات اللاحكومية، وإقامة دورات في الدعم النفسي للمتضررين بالزلزال، ونعالج موضوع الشائعات التي تحصل، وتكون لدينا فرق الدعم النفسي، وبالتعاون مع المعهد العالي ونقابة المهندسين وكلية الهندسة المدنية تم إنشاء 38 لجنة بمحافظة دمشق، لتلقي أي شكاوى من الذين يعتقدون أن أبنيتهم قد تضررت.
وطمأن محافظ دمشق الحضور أن أبنية دمشق لم تتأثر بالزلزال، وتم تشكيل لجان من مديرتي الصرف الصحي والمياه للكشف على جميع خطوط البنى التحتية في دمشق وكانت جميعها سليمة، وتم الكشف حتى الآن على 2300 بناء من خلال الشكاوى من الأهالي معتقدين أن هناك تصدعات، ومن بين تلك الكشوفات وجدنا في مناطق المخالفات مبنيين؛ واحد غير قابل للإصلاح ولا يوجد أي أمل في معالجته فتم هدمه فوراً، وبناء ثانٍ تتم معالجته مع مديرية الدراسات في المحافظة، كما تم الكشف على العديد من المباني الحكومية، ولم نجد فيها أي أضرار.
ما حدث في الزلزال بالمحافظات الأربع يجب أن يكون درساً لنا، وتم وضع خطة متكاملة، بحيث تكون كل جهة مسؤولة عن جانب معين، كي لا نقع بالأخطاء التي وقع بها زملاؤنا في لجان الإغاثة الفرعية بالمحافظات المنكوبة، فللجمعيات الأهلية دورها ومكانها، وكذلك للمنظمات الحكومية، وكلّ جهة منوط بها مهمة معينة وفي منطقة محددة، من أجل أن تكون هذه الخطة جاهزة، وليست كما كان يحصل سابقاً حبراً على ورق، وتالياً تكون جاهزة لمعالجة أي كارثة تحصل في مدينة دمشق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار