«محبة دمشق».. معرضٌ يحتفي بالمدينة بين التشكيل والخط العربيّ
تشرين-لبنى شاكر:
«محبة دمشق»؛ عنوانٌ اختاره القائمون على جمعية بيت الخط العربي والفنون، لمعرضهم المُفتتح مُؤخراً في المركز الثقافي في «أبو رمانة»، ضمّ أربعين لوحةً بين التشكيل والخط العربي، بمشاركة عشرين فناناً من أعضاء الجمعية وطلابها، اختار بعضهم الحديث عن المدينة صراحةً، بينما لجأ آخرون إلى أساليب طغت فيها الانطباعات والرؤى الخاصة على العام المعروف أو التقليدي عن دمشق، ولعلّ هذا يُكسب محاولاتهم قيمةً مُضافة، لكونها تخرج عن المُتداول الذي أصبح يحتاج جهداً مُضاعفاً لإظهار الجمالية التي أُفرغت منه مع تكرار الطرح.
استعادت عدة لوحاتٍ خطيّة أبيات شعرٍ عن دمشق، خرجت بعضها من نمط الخط الكلاسيكي ونظام اللوحة الخطية التقليدية، نحو دمج الخط بأنواعه في الفنون التشكيلية نوعاً ما، من بينها ما قدمته الفنانة ريم قبطان، بينما أعادت زمزم الحاج وغيداء الهندي وعبير العودات تشكيل الحارات القديمة، بيوتها المتراصة وأزقتها الضيقة بعرائشها وقناطرها وقناديلها، إضافةً إلى جوامعها وأسواقها، من دون أن يُهملن تفاصيل دقيقة جداً كالأبواب الصغيرة التي تنفتح عادةً على مساحاتٍ رحبة في أرض الديار، كذلك الشبابيك المغلقة بستائر سميكة، والمزاريب والمداخن، وثمة كثيرٌ من المُحبب والحميمي، الحاضر باستمرار في أعدادٍ لا حصر لها من الأعمال الفنية المتنوعة.
في لوحة لـ غيداء الهندي، خرجت عن السياق السابق، فجعلت للمدينة وجهاً بملامح أُنثوية، مندغماً مع عمارتها، وهو ما اشتغلت عليه نجوى الشريف أيضاً، بأسلوبٍ مختلف، فمنحت المساحة الأكبر لامرأةٍ نبتت أسوار المدينة القديمة من جسدها، في حين استعار عبد اللطيف حلاق الوجه الأنثوي وألبسه طربوشاً، وطوّع الشعر النازل منه ليجعله حرفاً، اكتمل مع حروفٍ مُتناثرة، فوق أجزاءٍ من بيتٍ دمشقيٍ قديم، كوّنت بمجملها كلمة «شام»، أمّا سهام محيسن فأحالت تفاصيل المدينة المُرهقة إلى أنثى، مُتعبة، بائسة وشاحبة، رغم الحُسن البادي عليها.
بيت الخط العربي والفنون جمعيةٌ فنية ثقافية، تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وتتعاون بشكلٍ دائم مع وزارة الثقافة، أسستها الفنانة ريم قبطان عام 2020، تهتم بتعليم الخط العربي بمُختلف أنواعه «الكوفي، الرقعة، النسخ، الديواني، الثلث، الإجازة، المغربي، الحر»، إضافةً إلى ما يخدم ثقافة الخط العربي، كالفنون التشكيلية المستوحاة من التراث، وفنون الزخرفة ورسم المنمنمات والتصميم، تُقيم فعالياتٍ مأجورة ومجانية، في المراكز الثقافية، من أبرز نشاطاتها مهرجان «محبة قلم» المُقام على مدار ثلاث سنوات، إضافةً إلى المعرض الحالي «محبة دمشق»، استقطبت فيهما مشاركاتٍ من المحافظات ومن خارج سورية، وفي رصيدها أيضاً ورشة للخط الديواني أشرف عليها الخطاط أدهم فادي الجعفري، وورشة لخط النستعليق مع الخطاط الإيراني محمد علي فقيري.
تقول قبطان عن اهتمام الجمعية بتعليم الخط العربي عن طريق أصحاب الخبرة والمُختصين، وهي الغاية التي أسست من أجلها: «ننطلق من القواعد الأساسية الصحيحة في الكتابة، لذلك نتعاون مع خبراء بقواعد الحرف العربي لدمجه مع التشكيل بأسلوبٍ يُحافظ على أصالة الحرف وتوازنه ومعاييره وشكله الصحيح، إضافة إلى حضوره الواضح في عوالم الأزياء والإكسسوار واللوغو والديكورات المنزلية، لذلك يجب نشره بشكلٍ مدروس، يُحقق الغاية من وجوده الجمالي في أي مكان، بما يضمن مواكبة الفنون المعاصرة والعالمية ويستند في الوقت ذاته إلى ثقافةٍ محلية وشرقية».