في الذكرى الستين لثورةِ الثامنِ من آذار.. ثباتٌ على المبادئ الوطنية والقومية
تشرين- شوكت أبو فخر:
تمرّ هذه الأيام الذكرى الستون لثورة الثامن من آذار.. مناسبة لا يمكن المرور عليها سريعاً، فما تلاها كان كبيراً، بُني عليه، داخلياً وخارجياً، لأنه جاء ملبياً لتطلعات شعب ضحى وقارع الاستعمار، وخاض غمار مرحلة مخاض ثوري، وعمل على بناء راسخ توج بهذه الثورة التي فجرتها قواعد حزب البعث العربي الاشتراكي.
لقد أظهرت الثورة مبكراً، القوة الكامنة لدى جماهير الشعب السوري في التعبير عن آماله وتطلعاته المنشودة في بناء الدولة القادرة على صياغة القوانين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تعكس إرثها الحضاري والتاريخي والإنساني.
بمعنى واضح، إن ثورة ١٩٦٣ كانت محطة مهمة في تحقيق الإنجازات الكبرى، من خلال تحشيد كل قوة الشعب القادر على التفاعل والتعامل الثوري الخلّاق في التغيير والبناء والتجديد.
وليس من قبيل المبالغة القول: إن ثورة الثامن من آذار المجيدة مثّلت استكمالاً لصفحات المقاومة المشرفة، ضد الاستعمار الفرنسي وتحقيق الجلاء.
وعلى ضوء ما يمرّ به بلدنا يمكن أن نؤكد أن سورية تسطر تطورات نوعية في مواجهة العدو نفسه الذي تتصدى له اليوم، وكانت هذه التطورات على مستوى الحياة الداخلية في سورية، ومستوى المواجهة ضد الصهيونية والهيمنة والإرهاب وجميع أشكال التدخل والاستعمار الجديد.
وعندما نذكر ثورة آذار، نذكر بفخر الخطوات التي تلتها والتي تمثلت بالحركة التصحيحية عام 1970 بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد، وتدشين مسار التطوير والتحديث العصري بقيادة الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي السيد الرئيس بشار الأسد عام 2000.
لقد حصنت ثورة آذار القرار الوطني، متمكنة من صيانة استقلال قرارها، لذلك حشد المعتدون كل إمكاناتهم في الحرب التدميرية الإرهابية متعددة الجوانب التي شنت ضدها، ولاعجب أن تحشد القوى العدوانية والإرهابية كل هذه الحشود في مواجهة سورية الناهضة والقادرة على التصدي.
لقد استطاع حزب البعث العربي الاشتراكي من خلال ثورته المجيدة الانتقال إلى مراحل جديدة يقود فيها الدولة والمجتمع نحو التقدم والازدهار، ويقضي على الظلم والتبعية وأسباب التخلف والتجزئة، ويسير قدماً لتحقيق أهداف الجماهير، صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة، والمدافعة عنها وعن منجزاتها التي تعمقت وترسخت بعد الحركة التصحيحية المباركة لتصحح المسار وتصوبه بالعمل الدؤوب على صعيد تأطير جميع القوى الفاعلة في المجتمع بجبهة وطنية تقدمية عريضة، تضم كل القوى والأحزاب السياسية على الساحة السورية، وإرساء دولة القانون والمؤسسات، وترسيخ الحياة الدستورية والتشريعية والشعبية والنقابية.
كما عملت الثورة على ترتيب البيت الداخلي وتعزيز بنائه، فقد ركزت على البعد القومي وكان تأثيرها عظيماً في تعميق الارتباط القومي بقضية فلسطين العادلة باعتبارها قضية العرب المركزية، وبدعم شعبها الصامد المقاوم.
اليوم وفي الذكرى الستين لثورة الثامن من ٱذار، مازالت القيم نفسها، وأيضاً الثوابت ما يعني الاستمرار في تمثيل قيم ودلالات ومعاني ثورة الثامن من آذار، ومتابعة القيام بالدور الفاعل في مسيرة إعادة الإعمار، وبناء سورية الجديدة المتجددة التي تليق بالشعب السوري بقيادة الرئيس الأسد، ليس هذا فحسب بل إن رسوخ مبادئ ثورة آذار في وجدان الشعب والوعي والانتماء الوطني والقومي، وحيويتها في المجتمع منحها القدرة على قراءة الأحداث على المستويين العربي والدولي، وبالتالي القدرة على أن تجدد ذاتها بشكل مستمر.
ولأن الثبات على المبادئ نهج ومسار، فإن سورية ثابتة على عهدها ومبادئها في الالتزام بالقضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، ومازالت تدفع الأثمان الكبيرة، نتيجة هذا الالتزام المبدئي، لأنها تدرك أن أي مساومة على الحقوق لن تؤدي إلا لمزيد من الخضوع والاستسلام للمخططات المعادية.
وما دمنا في رحاب الثورة، فيمكن أن ننظر إلى نهج التطوير والتحديث الذي أطلقه السيد الرئيس بشار الأسد، على أنه جاء إكمالاً لمسيرة العمل المؤسساتي وتعزيز عوامل القدرة الذاتية والقوة الداخلية، والسعي الحثيث لرفع معدلات النمو والتنمية الشاملة على الصعد كلها، في مرحلة من أخطر المراحل التي مرت في تاريخ سورية المعاصر، و من هذا المنظار كانت ثورة الثامن من آذار نقلة نوعية مهدت لنقلات نوعية أخرى أغضبت جميعها الاستعمار، قديمة وجديده، وقوى التبعية والعمالة والتخلف والصهيونية، وهذا ما تكرس جلياً من خلال التصدي للمؤامرة الكونية والحصار الجائر المفروض عليها منذ 12 سنة من قوى الشرّ والعدوان والإرهاب وداعميهم ومموليهم.