الفنان باسم عباس… بورتريهاتٌ واقعيةٌ تتحدثُ إلينا بعينٍ وقلب!
تشرين-جواد ديوب:
المتابع لأعماله يرى أنها اكتسبت نوعاً من «النضوج الفني» وأصبحت لديه رشاقةٌ في الخطوط وتعبيريةٌ قوية في الظلال ودقة في التحجيم الواقعي إلى درجة أنه يمكن للعين أن تتعرفَ في تلك اللوحات على براعة وبصمة «باسم عباس» من دون أن يوقّع اسمَه… ولعلّ ذلك النضوج وذلك الأسلوب اكتسبهما تباعاً مقارنة مع أعماله الأقدم، لكن سيرورته تلك هي شهادةٌ على دأبه، وكثافة أعماله، وأنه عرف كيف يكثّف الوقتَ على شكل ظلال ووجوه تقاربُ الأصلَ كما لو أنها تتحدث إلينا بعينٍ وقلب حيٍّ!
«تشرين» التقت الفنان باسم عباس… وكان هذا الحوار:
*هناك «همٌّ ثقافي/معرفي» لصيقٌ بأعمالك، فأنتَ تُرفق كل «بورتريه»بعبارة ذات قيمة ثقافية أو مغزى معرفي للشخصية صاحبة البورتريه… ما الذي يجعلك تنتقي هذه الشخصيات وتلك العبارات… ألا يؤثر ذلك «سلباً» في جماليات اللوحة في ذاتها؟
**أختارُ عبارة قصيرة ومميزة من أجل التعريف بالشخصية لمن لا يعرفها مسبقاً أو أقوال لشخصيات مؤثرة في عالمنا العربي، سواء من حيث قيمة حضورها أو عراقة منجزها الثقافي بالعموم، مثل الدكتور فاضل الربيعي، والراحل ممدوح عدوان، ومحمد الماغوط…وغيرهم الكثير من شخصيات عالمية أيضاً، وربما هي محاولة للتميّز عن بقية الرسامين الذين يرسمون «بورتريهات» ووجوهاً لأناس غير معروفين، كما أن انتقاء شخصيات محددة يكون أحياناً بسبب حبي الكبير لها ولدورها العظيم في الحياة عموماً وفي حياتي شخصياً، وأحياناً أرسمُ بعض الشخصيات للمجاملة والتنويع فقط!
*في لفتة نادرة… شاهدتُ في صفحتك على الفيس منشوراً عن زيارة أطفال إحدى المدارس إلى مرسمك أو مكان عرض لوحاتك… حدثنا عن هذه الزيارة… وما هي في رأيك أهمية هذا النوع من النشاطات بالنسبة للأطفال؟
**هذا النوع من الزيارات أو الرحلات أو الأنشطة الطلابية الصفيّة في المدارس تترك أثراً جميلاً في ذهن الطفل، وتعطيه طاقة وحافزاً لتقليد ما يشاهده، أذكر أنني أنا شخصياً في طفولتي تأثرت عند مشاهدة إبداعات من هذا النوع على أرض الواقع، أصبحتْ محطة فارقة في حياتي، ثم تحولت إلى حلم أو طموح… وها أنا ذا أحققه.
*مَن هم مُلهموك في عالم الرسم؟ ومِن أين تستمد مخزونك البصري والجمالي؟
**الملهمون كثر، خاصة «فنّ البورتريه» برسّاميه العالميين، وهناك اللوحات التي ينتشر فيها الظل والضوء بشكل متباين في «كونتراست» قويٍّ يعطي حضوراً قويّاً للضوء الساطع وللظلال المتباينة، وهذا ما يجذبني في اللوحة قبل موضوع الدقة في الرسم أو درجة اللون وخامته وفروقاته.
*أخبرنا موجزاً مختصراً عن سيرتك الذاتية… وهل للمعاناة دورٌ فيما تبدعه… كما لو أن الفن هروبٌ من الألم؟
**أنا من مواليد قرية «طير جملة/مصياف» (1980) أحبيت الرسم منذ الطفولة، كنت دائماً أحاول أن أكون مميزاً عن الجميع، كانت دراستي بعيدة جداً عن الرسم (شيء من اختصاص الكهرباء) لكن بعد أن أنهيت خدمتي العسكرية، رجعت ودرست الثانوية لأتمكن من التقديم على مسابقة كلية الفنون الجميلة بدمشق، وقدمتُ فعلاً، ونجحت في الفحصين الكتابي والعمليّ، لكن بسبب كثرة المتقدمين يومها، تمت إضافة مجموع درجات النجاح إلى مجموع درجات امتحانات الرسم، فتمّ استبعادي… وللأسف -ولأعجوبة القدر- تم تطبيق هذه الطريقة فقط في تلك السنة التي تقدمت فيها، وفي السنة التي تلتها، لذلك ها أنا اليوم من دون دراسة أكاديمية، لكني شاركتُ في معارض جماعية عدة في مدينة مصياف، وشاركت في معرض بمناسبة «اليوم العالمي لمكافحة مرض السل» وفازت لوحتي بالمركز الأول وتمّ اعتمادها كـ «طابع بريديّ لمكافحة السلّ»… وحالياً اقتصرت أعمالي على طلبات شخصية أنفذها سريعاً كنوع من «المهنة» لأتمكن من إعالة نفسي ووالدتي المريضة!
*ما مشروعك القادم؟
**مشروعي القادم أو المستقبلي هو اعتماد أسلوب خاص بي يُظهِرُ براعتي الحقيقية في زمنٍ أصبحنا نعاني فيه من بعض «الغشاشين» المزيفين في عالم الفن، والذين لا يتردّدون في استخدام تقنيات طباعة وإسقاط لتقديم أعمال «ملطوشة» على أنها من إبداعاتهم!