عودة خجولة للإنتاج في المزارع السمكية… ونقص الأعلاف والمحروقات يُحبط الآمال بالمزيد
تشرين- زهور كمالي:
على الرغم من انتشار المزيد من المزارع السمكية في حماة والغاب ولاسيما بعد إعادة تأهيل بعض المزارع وتحرير قرى الغاب من الإرهاب، لكن ما زالت حصة الفرد من مادة السمك لا تزيد على 200 غرام في السنة وذلك بسبب ارتفاع أسعاره بمختلف أنواعه، إذ يبلغ سعر الكيلو بين 17 – 35 ألف ليرة وذلك حسب نوعه.
عن ارتفاع أسعار السمك تبين أم سعيد وهي موظفة: أنّ شراء وجبة من السمك للأسرة تكلف نصف الراتب الشهري لأن أسعار السمك بأنواعه المختلفة حلّقت عالياً، كما حلّقت أسعار المواد والحاجيات الضرورية الأخرى, ولم تتذوق أسرة الهام السمك أكثر من 1-2 مرة في السنة، علماً أنها من الوجبات الضرورية للصحة حسب قولها رغم توافره في السوق يومياً، لكن سعره المرتفع لا يسمح بشرائه سوى مرتين في السنة.
مربو الأسماك: دورتان للمقنن العلفي والدورة تكفي 3 أيام والمازوت شبه معدوم
دورتان علفيتان ولا مازوت
فواز الياسين مالك مزرعة سمكية من بلدة التريمسة أوضح أنه لم يستلم مادة العلف في العام الماضي سوى مرتين فقط، حيث تم تخصيص 100 كلغ للدونم وهذه الكمية تكفي لـ 3 أيام ومؤخراً تم إخباره بدورة علفية جديدة من العام الحالي نوع نخالة، حيث يمتلك مزرعة مساحتها 41 دونماً، ويتابع القول: إنّ تربية الأسماك تكاليفها عالية مع عدم توفر الكهرباء والمازوت اللذين تحتاجهما الأحواض لتجديد المياه يومياً لزيادة الإنتاج، وهذه المشكلات باتت عامة، كما أكدها لنا مدير فرع الثروة السمكية في الغاب في إحدى جولاته على المزارع وأنه ليس بإمكانه تقديم أي دعم إضافي للمربين سوى مخاطبة فرع مؤسسة الأعلاف بزيادة كميات المقنن العلفي، وطالب المربي خالد بضرورة توفير سمك من نوع الفرخ الفضي وتوزيعه على المربين لأنه من الصعب تفريخه في المزارع الخاصة لكونه يحتاج إلى بيئة وظروف معينة، مبيناً أن هذا النوع من الأسماك مرغوب من قبل المستهلك وثمنه أقل من سمك الكارب والمشط وتالياً يعدّ أكثر مقاومة للعوامل الجوية.
صقار الداعور أحد مربي الأسماك في الحمرا بمنطقة الغاب لديه مزرعة بمساحة 40 دونماً عبّر عن امتعاضه وأسفه لعدم اهتمام أي من الجهات المسؤولة في المحافظة أو حتى من موظفي الهيئة العامة للثروة السمكية للسؤال عن أحوالهم وكيف يتدبرون شؤونهم أو دعمهم معنوياً، وعن المقنن العلفي الذي يقدم للمربين أشار إلى أنه على مدى عامين استلم دورتين فقط مقنن علفي نوع نخالة. علماً أن الأسماك تحتاج إلى خلطة من الذرة – صويا- الكسبة… أما المحروقات فمرة واحدة فقط خلال سنة ونصف السنة.
تأهيل مزارع
“تشرين” وفي لقاء مع مدير فرع المنطقة الوسطى للثروة السمكية المهندس محمود عيسى بين أن المزارع السمكية في منطقة الغاب ولاسيما الواقعة شمال قلعة المضيق وعين الطاقة بدأت بالعودة للعمل بشكل تدريجي بعد توقفها بسبب الاعتداءات الإرهابية عليها خلال السنوات الماضية، حيث يتم تأهيل مزرعة قلعة المضيق و تعزيل القنوات الواقعة خارج المزرعة لتسهيل تصريف المياه منها تمهيداً لإجراء عمليات الصيانة وتنظيف صالة التفريخ وحش نبات الزل علماً أن تأهيل المزرعة يجب أن يتم دفعة واحدة لكن لا توجد إمكانية وآليات للقيام بهذه الأعمال مجتمعة، لأسباب عدة منها: اختلاف الأسعار خلال المدة ما بين الدراسة والإعلان عن أعمال التأهيل والصيانة، وفي الشهر 11 من العام الماضي تم الإعلان عن تأهيل جزء من مبنى الإدارة وصالة التفريخ والأحواض السمكية وتسوية طرقات المزرعة لكن لم يتقدم أحد حتى الآن.
(426) مزرعة بمساحة مائية إجمالية (8820) دونماً في حماة
426 مزرعة
وأشار عيسى إلى أن محافظة حماة بما فيها منطقة الغاب كانت من أكثر مناطق سورية إنتاجاً لأسماك المياه العذبة من خلال مزارع القطاع العام والخاص، حيث تعدّ أكبر تجمع لمزارع أسماك المياه العذبة إضافة إلى المسطحات المائية الموجودة في المنطقة، إذ يبلغ عدد المزارع السمكية المرخصة وغير المرخصة في المحافظة (426) مزرعة بمساحة مائية إجمالية (8820) دونماً ومعظم المزارع هي مزارع ترابية وفق نظام تربية نصف مكثف والأنواع الأساسية التي يتم تربيتها في هذه المزارع هي الكارب بأنواعه والمشط الأزرق والسلور.
ولفت إلى أنه في عام 2010 بلغ إنتاج محافظة حماة من الأسماك (مزارع خاصة وحكومية) حوالي 7 آلاف طن منها 30 طناً من المسطحات المائية لينخفض عام 2017 إلى (650) طناً ويعود سبب انخفاض الإنتاج إلى خروج عدد كبير من المزارع السمكية الخاصة من عملية التربية والإنتاج خاصة في مناطق حماة والغاب والتي تحتوي على القسم الأكبر من المزارع السمكية على مستوى القطر، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج وبالتالي انخفاض عرض هذه المادة وارتفاع أسعارها.
330 ألف إصبعية
و لتدارك النقص الحاصل في إنتاج الإصبعيات حسب عيسى تم تحويل مزرعة مصب السن إلى إنتاج الإصبعيات بالطاقة القصوى من أجل تلبية حاجة المزارع العاملة (مزرعة مصب السن ومزرعة 16 تشرين) وتلبية احتياجات زراعة السدود والبحيرات والمزارع الأسرية والمزارع المرخصة ومستثمري السدود، وفي عام 2020 بلغ إنتاج محافظة حماة من الأسماك (1750) طناً ليرتفع عام 2021 إلى (6000) طن.
استزراع /٣٣٠/ ألف إصبعية كارب ومشط في عدد من المسطحات المائية بمنطقة الغاب
وأكد عيسى أنه بهدف تنمية وزيادة الثروة السمكية في منطقة الغاب وحماة قامت الهيئة خلال عامي ٢٠٢١-٢٠٢٢ باستزراع /٣٣٠/ ألف إصبعية كارب ومشط في عدد من المسطحات المائية بمنطقة الغاب ولاسيما في المناطق الآمنة وكذلك المناطق المحررة (سد العشارنة- سد أفاميا- بحيرة قلعة المضيق – بحيرة باب الطاقة- بحيرة ناعور- جورين- بركة الجراص)، ومن خلال المتابعة لعمليات الصيد وأخذ القراءات اليومية للصيديات من قبل نقاط الحماية تبين أن الأوزان الوسطية للأسماك المصيدة تراوحت بين ٧٠٠ – ٢٠٠٠ غرام لسمكة الكارب و ٢٥٠ – ٥٠٠ غرام لسمكة المشط، كما بلغت كمية الأسماك المصيدة والمبيعة من السدود والمسطحات المائية المستزرعة من قبل الهيئة في محافظة حماة وريفها حوالي ٢٠٠ طن سنوياً.
و أضاف؛ أن الهيئة مستمرة بتنفيذ خطتها لإعادة إعمار المسطحات المائية ورفدها بالإصبعيات السمكية لتحسين المخزون.
النموذج التنموي الأول
وعن المزارع السمكية الأسرية لفت عيسى إلى أنه في عام 2021 و في إطار برنامج وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لدعم الأسر الريفية ومن خلال مبادرة ” معاً نبني حلماً” للتدخل التنموي في القرى التي أطلقتها الوزارة، حيث النموذج التنموي الأول في قرية قطرة الريحان في منطقة الغاب، كان للهيئة العامة للثروة السمكية والأحياء المائية دور هام في العمل التنموي من خلال مشروع الزراعات الأسرية الصغيرة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة لسكان الأرياف والمشاركة بـ/ 22/ مزرعة أسرية تمت زراعتها بإصبعيات الكارب العام وبعدد /3500/ إصبعية، حيث بلغ عدد المستفيدين من برنامج المزارع الأسرية الصغيرة على مستوى منطقتي الغاب ومصياف /185 / مزرعة أسرية مجانية وبعدد إصبعيات إجمالي / 24700/ إصبعية وبوزن وسطي/25/ غراماً للإصبعية الواحدة، والغاية من المشروع هو دعم المشاريع الصغيرة ورفد السوق المحلية بالإنتاج السمكي ونشر ثقافة تربية الأسماك لدى المواطنين باستثمار الموارد الطبيعية المتاحة من برك وينابيع و تأمين حاجة الأسرة من مادة السمك كمصدر بروتين نوعي وبالتالي تحقيق أحد أشكال الاكتفاء الذاتي، كما أن الفائض يشكل مصدر دخل إضافياً للأسرة إضافة للاستفادة من الاستخدام المزدوج للمياه في إنتاج بروتين سمكي عالي الجودة ولسقاية المزروعات، حيث إن المياه التي تربى ضمنها الأسماك تكون غنية بالمخصبات الآزوتية وبالتالي تسهم في تخصيب التربة المزروعة وتخفف من تكاليف إنتاج المحاصيل، والهدف الثاني من المشروع تحقيق التنمية المستدامة لسكان الريف وتطبيق نظام تكامل الاستزراع السمكي النباتي (Aquponic).
معوقات مزمنة
وفي نهاية حديثه كشف مدير فرع المنطقة الوسطى للثروة السمكية عن أهم المشكلات والمعوقات التي تعترض العملية الإنتاجية وأهمها خروج مزارع القطاع العام عن الخدمة ( قلعة المضيق- عين الطاقة – شطحة ) نتيجة تخريبها من قبل التنظيمات الإرهابية ويتم العمل حالياً على إعادة تأهيلها لوضعها في الخدمة قريباً، وإعادة قطاع الثروة السمكية في محافظة حماة إلى ألقه السابق وتطويره إضافة إلى عدم توفر (المحروقات- المواد العلفية – الأدوية البيطرية)، وقلة الآليات (سيارات – دراجات ) لمتابعة العمل وتنفيذ الجولات الدورية على المياه العامة في المسطحات والبحيرات والبرك على أكمل وجه.