انعطافة لافتة في تعاطي قطاع الأعمال مع مسؤولياته الاجتماعية.. مبادرة “إعمار” تطلقها غرفة تجارة دمشق ودعوة لبقية الغرف والنقابات لتقليد”فاعلي الخير”…
تشرين:
حتى الخامس من شباط كنا نظن أن مسلسلات البيئة الشامية مجرد عرض وقائع للتسلية عن كرم” العضوات” والدور الاجتماعي لهم في رعاية أهالي الحارة ولاسيما الضعفاء منهم والمنكوبين من جراء أي كارثة أو مجاعة تكررت في هذه المسلسلات.
وهذا الظن سببه حالة الغلاء العامة التي أصابت محدودي الدخل بعد عقد من الحديد والنار جرّب خلاله أعداء سورية أقذر الطرق لتركيع وتجويع الشعب السوري، وهذا ما سبب آلاماً اقتصادية ومعيشية للجميع، لكن بعد كارثة زلزال السادس من شباط ظهر المعدن الثمين الذي كان كنزاً سورياً خالصاً منذ بدء التاريخ، وشكل عنصراً أساسياً من فيزيولوجيا السوريين لم تستطع أعتى قوى الأرض عبر الزمن التأثير على متانتها ومنعتها ضد الصدأ.
وخلال الساعات الأولى هبّ السوريون في الداخل والخارج لإغاثة أهلهم، كلٌّ حسب قدراته، فأطعم الجائع جائعاً وجبرَ المستأجر منكوباً.
ولم يكن حال قطاع الأعمال خارج هذه المعادلة السورية النادرة وخلال ساعات بدأت الاجتماعات بين رجال الأعمال في مختلف القطاعات لترتيب إيصال المواد الإغاثية والطبية للمنكوبين، وبعد تلبية الاحتياجات الأساسية لمن غادروا منازلهم تحت وطأة الزلزال وتأمين أغلب المستلزمات بدأت المبادرات في سبيل إيواء من تدمرت بيوتهم وتضررت.
على مستوى غرفة تجارة دمشق بدأ تجار الشام بواجبهم الإنساني من إرسال مواد إغاثية بقيمة ٣٠٠ مليون ليرة، ومنذ يومين أعلن عن التبرع لبناء محضرين في محافظة حلب واثنين في اللاذقية، بمبادرة أطلقتها الغرفة.. وهي مبادرة يؤكد أمين سرّ الغرفة وسيم قطّان في تصريح لـ”تشرين” أنها فكرة جماعية هدفها الانتقال نحو مستوى أعلى في العمل الإغاثي، مشيراً إلى أنه بعد معونات الغذاء و مستلزمات الإيواء أصبح لزاماً علينا أن نعمل على تأمين مساكن دائمة لمن تهدمت منازلهم في الزلزال، وهذا جزء من المسؤولية الاجتماعية التي تعدّ واجباً على رجال الأعمال .
وبيّن قطان أن المبالغ التي تم التبرع بها من أعضاء غرفة التجارة تعدّ بداية لحملة تبرعات تشمل كل تجار دمشق كل حسب قدراته المالية، مبدياً رغبته في أن تطلق كل غرف التجارة السورية مبادرات خاصة بها لبناء مقاسم في المحافظات المنكوبة، كما دعا نقابات الأطباء و الصيادلة و المهندسين وغيرها من الاتحادات و النقابات المهنية للاضطلاع ببناء مقاسم سكنية، لتسريع وتيرة حلّ جزء كبير من واجب إيواء المتضررين من الزلزال.
ولفت قطان إلى آليات جديدة تبحثها الغرفة لتقديم أكبر قدر من الدعم الممكن للمتضررين والتنسيق مع العديد من التجار للتعاطي بشكل منظم مع تداعيات الزلزال.
وحسناً فعل تجار الشام بإعلانهم عن قيمة التبرعات الخاصة بكل عضو ليس حباً في المفاخرة بل لتشكيل نوع من المنافسة الإنسانية الشريفة فيما بينهم وتحفيز من بقي متردداً في القيام بواجبه الذي يعدّ من أخلاقيات تجار سورية عموماً وأهل الشام خصوصاً.
وحسب الأرقام الصادرة عن هذه المبادرة فقد كانت المساهمات كما يلي:
– رئيس الغرفة أبو الهدى اللحام 15 مليون ليرة سورية.
– أمين سر الغرفة وسيم القطان 500 مليون ليرة سورية.
– نائب رئيس الغرفة عرفان دركل 10 ملايين ليرة سورية.
– نائب رئيس الغرفة محمد الخطاب 10 ملايين ليرة سورية.
– خازن الغرفة زاهر شرباتي 10 ملايين ليرة سورية .
– عضو مكتب الغرفة عماد القباني 10 ملايين ليرة سورية.
– عضو مكتب الغرفة زهير داوود 15 مليون ليرة سورية.
– عضو مجلس إدارة الغرفة مصان نحاس 10 ملايين ليرة .
– عضو مجلس إدارة الغرفة أنطون بيتنجانة 25 مليون ليرة سورية.
– عضو مجلس إدارة الغرفة إياد محفوظ 15 مليون ليرة.
– عضو مجلس إدارة الغرفة ياسر إكريم 10 ملايين ليرة.
– عضو مجلس إدارة الغرفة باسكال كاتب 10 ملايين ليرة .
– عضو مجلس إدارة الغرفة محي الدين عرب الحلبي 10 ملايين.
– عضو مجلس إدارة الغرفة سامر القطب 10 ملايين.
– عضو مجلس إدارة الغرفة عبد الله نصر 10 ملايين.
– موظفو غرفة تجارة دمشق مليون ليرة سورية.
وهذا ما يعيدنا إلى لقاء سابق لـ(تشرين) مع أمين سر الغرفة وتحدث خلالها عن الدور الاجتماعي، مبيناً أن المسؤولية الاجتماعية بمفهومها الخاص أهم من التجارة في حدّ ذاتها، واصفاً إياها بأنها “بركة التجارة” وتقوم على المشاركة بعيداً عن مفهوم الصدقة .
ولكن ما ينقص هذا الجانب وجود دراية حقيقية بمفاهيم المسؤولية الاجتماعية التي تتطلب برامج توعية، موضحاً أن عدداً محدوداً من التجار والصناعيين ورؤوس الأموال الكبيرة يملكون مفاهيم المسؤولية الاجتماعية بمعناها الحقيقي .
وطرح عدة أمثلة عن مبادرات كان لها أثر فعّال على أرض الواقع، وانطلقت من مبادئ المسؤولية الاجتماعية .
وقال: منذ سنوات عملنا على تخصيص أماكن لبيع مواد غذائية بسعر التكلفة فقط ونتحمل ما يرتبط من تكاليف نقلها وتغليفها بالكامل وتصل للمستهدفين بسعر مناسب لا يتعدى التكلفة الأولية، كما أنه لا يجد أي مغالطة بخلق نوع من التنافس العلني بين التجار لفعل الخير أو للتبرع بمبالغ لأهداف محددة، وطرح أمثلة عن مبادرات مختلفة لرجال الأعمال في هذا الإطار تضمنت نوعاً جديداً من المسؤولية الاجتماعية كانت قائمة على الدفع بالعلن قائلاً: كما نتباهى بأنواع السيارات التي نمتلكها وبمواصفاتها لا يوجد ضرر أيضاً بالتنافس العلني لفعل الخير والتصريح بالمبالغ المدفوعة ضمن التجمعات التي تخصص لهذا الغرض.
وفي اللقاء نفسه أيضاً أشار الدكتور ياسر إكريم إلى أن المسؤولية الاجتماعية للتاجر أو رأس المال تكمن في الحفاظ على استمرار الطاقة العاملة لديه وفتح مجالات أخرى للتشغيل واستقطاب الطاقات الجديدة لسوق العمل
إلى جانب الإصرار على العمل وامتلاك الخبرة والشجاعة للوصول إلى الهدف بدلاً من حصر المسؤولية الاجتماعية بصورة الصدقات التي تعدّ أسوأ أنواع العطاء وآخر الحلول؛ فالعمل الاجتماعي الاقتصادي هو البنية الأساسية لاقتصاد متماسك ومستمر قائم على ربط الاقتصاد بالمجتمع وقيمه الصحيحة.
أخيراً
هذه هي الحلقات المحببة إلى نفوس السوريين في البيئة الشامية العريقة التي نأمل أن يتم تنظيمها وتعميمها من جميع غرف التجارة وكل فعاليات القطاع الخاص في مختلف النشاطات، ولا عيب أبداً في نشر أسماء أصحاب الأيادي البيضاء لعلّه يبعد “أبو نجيب” عن حلقات أيامنا القادمة التي أعاد زلزال شباط إليها زخمها المملوء بالحب والتكافل والتراحم بين الجميع.
وهنا يمكننا القول: فخورون بكم جميعاً.