حيوات رموزنا التاريخيّة والإبداعيّة من ينسجها درامياً.. ولماذا؟

تشرين-نضال بشارة:

لا تزال حياة رموزنا التاريخية، والإبداعية عامة، غائبة عن حقل الدراما التلفزيونية، فحضور بعضها سواء بالاسم الصريح أو الترميز لها، لم يفها حقها، كشخصيات المجاهدين الأبطال ورموزنا الوطنية الشيخ صالح العلي، إبراهيم هنانو، السلطان باشا الأطرش، الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وآخرين. ومن المبدعين لم يُخص سوى الشاعر نزار قباني، والفنانة أسمهان، بعملين مستقلين لائقين بهما، وحضور بعض الأدباء كشخصيات ثانوية في أعمال غير خاصة بهم كالشاعرين: الشهيد عمر حمد، ورياض صالح الحسين.

صورة بهية

نزعم أن هذا النوع من الدراما، لو كتبت على مهل من قبل الماهرين بها لجاءت أعمالاً جيدة تليق برموزنا، وجذّابة للمشاهدين على اختلاف مشاربهم وشرائحهم العمرية، أما لماذا المسلسلات عن تلك الرموز؟ فمن خلالها سنعرف لمحة دقيقة عن فترات تاريخية، ستنسجها الدراما بأحداث وشخصيات وسرديات، ما يخفف من وطأة جفاف التاريخ، فيتقبلها الناس. والكتابة عن رموزنا هي الكتابة عن فسيفساء مجتمعنا السوري الذي نُحِب، فوحدها الدراما من يجمع هذا النسيج ويقدمه بصورة بهية، قد يكون ترياقاً لبعض أمراضنا. وأزعم أننا سنكون مشغوفين جداً بمتابعة تلك الأعمال لنعرف المزيد عن حياة الشاعر بدوي الجبل والفترة التاريخية التي أنجبته، وكذلك الأمر فيما يخص بقية الرموز: المفكر الشهيد عبد الحميد الزهراوي، المفكر الشهيد عبد الرحمن الكواكبي، رائد المسرح الغنائي «أبو خليل القباني»، الشخصية الوطنية والأدبية النادرة فخري البارودي، الملحن بكري الكردي، أمير البزق محمد عبد الكريم، المسرحي داوود قسطنطين الخوري، والعلاّمة محمد كرد علي، والمسرحي والقاص مراد السباعي، الفنان التشكيلي فاتح المدرس، والأديب عبد السلام العجيلي، والعلاّمة خير الدين الأسدي، والفنان التشكيلي لؤي كيالي، والسيدة الصحفية ماري شقرا، وليس أخيراً المسرحي سعد الله ونوس، والروائي هاني الراهب، والشاعر محمد الماغوط، والشاعرة سنية صالح، وأسماء أخرى في مجالات متنوعة من الإبداع.

تكريس لا تقديس

أمّا من أين تأتي أهمية الدراما الخاصة بحياتهم؟ لأنها ستكون المرافعة الإبداعية والوطنية عنهم لما تعرضت بعض الرموز خلال هذه الحرب للتشويه، سواء من دون وعي، أو بوعيٍ أحياناً، بحجة نقدها وعدم تقديسها، رغم أن ثمة فرقاً ببن نقدها وإظهار سماتها الإيجابية وسماتها السلبية كما كل البشر، وبين أن تُهتك شخصياتها بحجة عدم التقديس، كأن نستحضر موقفاً ما لأحد الشعراء، يفترض الحديث فيه خلال حياته لا أن يقر المتحدّث أنه يستحضر واقعة مضى عليها أكثر من 25 عاماً قبل وفاة الشاعر الذي مضى على رحيله أكثر من 15 عاماً! فهذه لا اسم لها سوى تشويه صورة هذا المبدع غير الخالية طبعاً من السلبيات. وهذه تشبه أيضاً أن يدّعي مخرج درامي حادثة ما، بطلها أحد رموزنا التاريخيين الشهداء، ومن دون أن يقدّم أي دليل على ما ذهب إليه، ولذلك من الطبيعي أن يأتي الرد على تلك الادّعاءات قاسياً، ووصفها بتشويه رموزنا الوطنية مهما كان دورها وفي أي حقل اشتغلت. فالدراما التلفزيونية التي ستهتم بتلك الرموز على الأغلب، قد تأتي بنسبة 80 في المئة من الصحة والصواب فيما يخص حياتها، وسنختلف بنسبة العشرين في المئة حول بقية المعلومات الخاصة بشخصياتهم، لكن المسعى العام هو إبراز وجههم الإيجابي الذي يهمنا أن نزرعه في نفوس المشاهدين من الأجيال الشابة لتكون لهم قدوة، في كل المسارات التاريخية والاجتماعية والوطنية والإبداعية والثقافية عامة، من دون أن تقدمهم الدراما بغير وجوههم التي كانت عليها في الإيجاب وفي السلب، أي مثل كل البشر، لكن الضوء الأساس يسلط عليها لكي نكرس مساعيهم الأساسية التي عُرِفوا بها، وبما أنجزوه، لا أن نقدّس شخصياتهم وكل ما ارتكبوه حتى لو كان خطأً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية