مراوغةُ الضغط مخاتلةُ القلق!
تشرين- حنان علي:
حالي حال الجميع؛ تلقيت بمشاعر جياشة بالحزن والألم، بالقلق والارتباك الأخبار المفجعة عن المناطق المنكوبة من جراء الزلزال، الصدمة أولُ ما اعترتني تلاها الترقب، المتابعة الحثيثة والبحث الدؤوب.. تساءلت بعد ساعات من الإصابة بالشلل والانعزال، لماذا حصل ما حصل؟ أيّ غُمة تنوء بها البلاد؟ تنامت المشاعر السلبية وطغى الألم والإحباط، ثمّ تفكرت مليّاً كيف يمكن لمن نجا من ضُرِّ نكبات متلاحقة أن يلملم قواه بدلاً من تبدديها دونما جدوى. أيّ سبيل لإدارة الضغوط النفسية المتلاحقة وتقبلها والتعامل معها بحكمة قبل الوقوع بفخ الاكتئاب والقلق وتمزق العلاقات واضطرابات الشخصية.
في هذا الشأن ومن وجهة نظر تنموية؛ التقت “تشرين” محمد سليم كسم- مدرب موارد بشرية (ممن لهم باع طويل في هذا الشأن لسنوات الأزمة الطوال) ليطالعنا ببعض الإجراءات والتقنيات التي يتوجب اتباعها كخط الدفاع الأول لمواجهة مشاعرنا السلبية قبل السماح لها بجرفنا إلى هاوية الأمراض النفسية والجسدية.
“الوعي والتركيز بما نتلقاه” أول ما ينبغي على المرء فعله لمواجهة الضخ الهائل لمنصات السوشيال ميديا بأنواعها، خاصة أن الذاكرة تخزّن ما يصلها أكواماً، منها الحقيقي ومنها المشوّه الذي يولدّ الضغط النفسي المؤثر على الصحة النفسية وحرية القرار والفعل والاستعداد للبذل، وإمكانية العمل، القدرة والاستطاعة. لا يتسبب الضغط المتزايد إلّا بالهم والقلق، الإصابة بالعجز، الميل للكسل وتبدد روح المبادرة، الخوف من تقديم الذات شُحاً بالنفس أو شُحّاً بالمال، اليأس من جدوى البذل والعطاء.. عوامل خطيرة تزيد من وقع الكارثة على النفس البشرية متسببة بانهيار تماسكها عبر الزمن.
كيف يمكن تفريغ الضغوط النفسية؟
أشار مدرب الموارد البشرية إلى أهمية التركيز على مكونات الإنسان الأربع ؛ الجسد والعقل والعاطفة والروح. التفريغ الجسدي أضعفها أركاناً، يتم عبر بذل جهد جسماني من أعمال يومية ورياضة. فيما تقوم الأعمال العقلية أو الإبداعية بمهام التفريغ العقلي عبر القراءة أو الرسم أو الكتابة ولو كانت مجرد عبارات قصيرة إيجابية، أما التفريغ العقلي فأشد بأساً من التفريغ الجسدي في سبيل نشدان الراحة النفسية. التفريغ العاطفي يكمن في ممارسة شكل من أشكال البكاء، التواصل مع الأحبة، الاحتضان والبوح بمكنونات النفس، فيما يعد التفريغ الروحي في هذا السياق الأكثر منفعة حين يكرس العطاء الحقيقي بتقديم مساعدات مادية أو مساندات معنوية.
وأوضح كسم مختتماً: ما برح الضغط حالة صحية تفتح آفاق الإنجاز الملموس، خاصة أنّ الضغوطات تُعلي تركيز الإنسان الواعي وترهف حواسه وتفجر قدراته. لا بدّ أن يستثمر الضغط بالإنجاز على أرض الواقع فيقلب المحنةُ منحةً، ويحوّل المصيبة عطيةً، فكم من أمم نهضت من تحت الركام وشيّدت أعظم الحضارات”.