في حضرة الرئيس بشار الأسد
في الجزء الثالث من مقالته «في حضرة الرئيس بشار الأسد».. يتحدث الكاتب العُماني سالم بن محمد العبري في جريدة «الرؤية» العُمانية عن شعوره بالاعتزاز والثقة وهو يسمع الرئيس الأسد يقيّم عالياً مواقف وسياسات القيادة العمانية ويرى في العلاقات السورية- العمانية نموذجاً يحتذى به، مؤكداً في مقاله أن سورية لا يمكن تغييبها، أو تحديد مكانتها ودورها في مقعد، وذلك في إشارة إلى «الجامعة العربية».. ويقول: سورية موجودة ماثلة عالية القامة بصمودها وتصديها وهيبتها.
ويستهل الكاتب مقالته من موقف الرئيس الأسد حيال مواقف السلطنة وسياساتها، قائلاً: حين يكون الشخص العُماني أمام قائد بمنزلة الرئيس بشار حافظ الأسد ويراه يُقيِّم القيادة العُمانية تقييماً عالياً فأنت تشعر بالاطمئنان والثقة والاعتزاز، ويُنبئك أن ما كُنّا نقوله من أنَّ عُمان قيادةً في ظل السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- أو في عهدها الجديد بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وكذلك شعباً، لهما محددات التاريخ والفكر وتتابعٌ قيادي ينقل الخبرة والتجارب في القيادة والممارسة، ليس فقط في فترة وجيزة، بل من الدول والشخصيات التى تعاقبت في حكم عُمان وقيادتها منذ آلاف السنين.
وإذا كنَّا نفتخر بما أقدم عليه عبد و جيفر ابنا الجلندى، حين أتى عمرو بن العاص حاملاً رسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فإنني دائماً أشيرُ إلى سيرة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي في السيرة والفكر، وأريد أن أشير بتقدير عالٍ إلى سيرته والسلطان سعيد بن تيمور المميزة والحكيمة والمتعاضدة لتنفيذ سياسة وتعاون دائمين يحدوهما صالح عُمان ككل وليس كل منهما يهتم بواقع منطقته، ها هو الإمام الخليلي تُثار معه قضية البريمي سابقاً، وترى الأغلبية الحاضرة رأياً مُغايراً لما يراه الإمام فيحسم الأمر باقتراح الإمام أخذ رأي السلطان سعيد بن تيمور، ويؤلف وفداً من المشايخ على رأسهم الشيخان طالب بن علي الهنائي وأحمد بن محمد الحارثي؛ يذهب الوفد لمقابلة السلطان سعيد بن تيمور في صلالة، ويعرض الأمر، فإذا بالسلطان سعيد يُقر ويأخذ برأي الإمام محمد.
هذه ليست مصادفة، بل التقاء فكر وقيادة يحدوها إحكام الأمر وإصداره برأي مدروس متفق عليه، وها هو الشيخ خالد بن هلال الهنائي يُثير قضية بعض الخارجين القتلة مع الإمام، ويرى التوجه للإمساك بهم، ولو بمناطق السلطان التي يترددون عليها هرباً وملاذاً، فلا يقر هذا السلوك، ولكن يرسله للسلطان طالباً منه باسم الإمام القبض عليهم وتنفيذ حكم القصاص.
غير أنَّ السلطان يوافق على جزء من الطلب، وهو الإمساك بهم، أما الأحكام فتصدر وتنفذ بأمر الإمام «العلامة»، كما كان يلفظ في معتقده، أنه إذا خاطبه بلقب الإمام وجبت عليه البيعة، وهذه تدل على أنه ليس حاكماً فقط، بل متفقهاً إلى حدّ التمييز بين موجبات اللفظ والمعتقد.
وحين تجد أن قيادتنا تقسم من رغيف خبزنا لتسد به فاقة أخ كريم عزيز بغى عليه الزمن وتكالبت عليه قطعان بنات آوى، فانظر قوماً يهدمون صوامع الغلال التي تحفظها لسبعٍ من السنين ويحرقون مزارع البر «القمح» والذرة ويقلعون أشجار الزيتون، وقيادتنا تقول: لا..هذا عمل جبان وقح لا يقدم عليه إلّا التتار والمستعمرون، ثم تقول خذوا منّا ما توفر، وأحسنوا المعالجة، وثقوا أن الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.
وحين نسمع عن قرب يقول الرئيس بشار الأسد إنَّ العلاقات بيننا وبين عُمان والجزائر هي النموذج الذي يجب أن يُحتذى به، ونحن راضون وعازمون على السير بها والعمل على تعميمها، أليس لنا أن نفخر ونحن نرى قطبي التاريخ والجهاد الجزائر وعُمان قابضتين على المبادئ والقيم لا تفرطان بها، بل تعملان على تطبيقها وتمثلها والإمساك بها كالماسك على الجمر؟!
قمة الجزائر الحادية والثلاثين التي عقدت في الجزائر مطلع تشرين الثاني 2022، مع الاحتفاء بيوم انبثاق الثورة الجزائرية الكبرى، تُعد نموذجاً لما كان يشير ويؤكد عليه الرئيس الأسد سعياً من دولة يؤلمها وضع العرب منذ تضعضع أساس بيت العرب، وفر ساكنوه فرقاً ومذاهب، تهيم في صحراء الوحوش، ولا من حام أو مجير.. هكذا جاءت قمة الجزائر لتوعظ وتعود بالأمة من هلاك التشرذم لتلوذ بحبل الوحدة، ومن سراب الصحراء إلى هدي الله عز وجل (وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا).
هكذا نفهم التعضيد العُماني وإن كنَّا نأمل أن تمثل عُمان بسلطانها دعماً وانتظاماً وهيبة وتقديراً لجهاد الجزائريين الماضي والحاضر، وهكذا نعلم أن سورية حين طلبت عدم السير بمناقشة جلوسها على كرسيها المُنشِئ الباني المميز، فهي موجودة ماثلة عالية القامة بصمودها وتصديها وهيبتها، ولولا ذلك ما كان عليها هذا الحشد المجرم، وهذا الإنفاق الضخم لتدميرها الذي يحول الصحراء الكبرى لجنة عاد.
سورية أكبر من مقعد لا يُريد الصغار رؤيته، ولتوقَّر الجزائر بالتئام الأضداد ولتبدأ مسيرة الصحوة والرؤية للحقائق وتمييز الحق من الباطل، والعمل من العبث والبناء للحضارة، بدلاً من التبديد.. سورية حاضرة بحضور كل الشرفاء والبناة من الأمة، يمثلها القاصي والداني من العاملين المخلصين، والله في عون العبد ما دام العبد يقتفي الهدى والخير.