تغطيات الصناديق المشتركة قاصرة وأموالها تُصرف على وصفات وهمية.. أكثر من 25 مؤسسة عامة ترفض الاشتراك بالتأمين الصحي وهناك من يسأل: هل يصبح إلزامياً؟
تشرين – إبراهيم غيبور:
بين مؤيد ومعارض، لا تزال العديد من مؤسسات وجهات القطاع العام تُغرد بعيداً عن التأمين الصحي وخدماته، مكتفية بما تقدمه الصناديق المشتركة، التي تتبع لنقابات الأطباء، من خدمات صحية محدودة.
والحقيقة أن النسبة الأكبر من العاملين في تلك الجهات يفضلون الخدمات التي يقدمها عقد التأمين الصحي (للقطاع الإداري) الذي تديره المؤسسة العامة السورية للتأمين، إلا أن اللجان النقابية التي تسيطر على إدارة الصناديق المشتركة ترفض التعاقد مع المؤسسة لأسباب عديدة.
وبذلت «السورية للتأمين» جهوداً كبيرة لإقناع تلك المؤسسات للاستفادة من خدمات عقد التأمين الصحي للقطاع الإداري، ولكن محاولاتها باءت بالفشل بسبب أن اللجان النقابية، التي تمسك زمام تلك الصناديق، تقف حائط صد أمام تلك المحاولات، وحسب مديرة التأمين الصحي في المؤسسة العامة السورية للتأمين عزيزة قلاع، في تصريح خاص لـ«تشرين» فإن المؤسسة راسلت أكثر من 25 جهة ومؤسسة عامة وشرحت لها ميزات عقد التأمين الصحي والتغطيات الصحية التي يقدمها مقابل أقساط مدروسة، ولكنها لم تتلق أي استجابة من تلك الجهات، رغم أن النسبة الأكبر من موظفيها يرغبون بالحصول على مظلة تغطيات العقد.
ويعتبر العديد من العاملين في المؤسسات، التي لم تشترك بعقد التأمين الصحي، أن الخدمات التي يقدمها هذا العقد تضاهي بكثير ما تقدمه الصناديق المشتركة، سواءً لجهة التغطيات الصحية أو الأسعار، ناهيك بأن أموال هذه الصناديق تذهب بمعظمها سدى، إذ يكفي أن يأتي العامل المشترك بتلك الصناديق بفاتورة أو وصفة طبية (مفقطة) من إحدى الصيدليات ليقوم القائمون على صرفها بتسديد ثمنها للعامل حتى إن كانت تلك الوصفة وهمية، أما عقد التأمين الصحي فيقدم خدمات صحية وتغطيات حقيقية سواءً خارج أم داخل المشفى يستفيد منها المؤمّن لهم، ناهيك بالملف الطبي الخاص بكل مؤمّن له، الذي يرصد استخدامه بطاقة التأمين.
في حين يرى بعض العاملين، وهم قلائل ممن يستفيدون من مبالغ الوصفات الطبية التي تصرفها الصناديق المشتركة، أن عقد التأمين الصحي جدير بأن ينال اهتمام المؤسسات التي يعملون فيها، لكن ذلك الاهتمام لن يصل إلى مرحلة النضوج ما لم يتجاوز القائمون على إدارة عقد التأمين الصحي العديد من المعوقات التي تدفع مزودي الخدمة إلى اعتبار حامل بطاقة التأمين الصحي كمريض من الدرجة العاشرة، فالطبيب يُفضل أن يحصل على أجره مباشرة على أن ينتظر مدة شهر أو أكثر لتحويل مستحقاته من شركة إدارة النفقات الطبية، والأمر الآخر هناك تأخر من شركات الإدارة في الموافقة على صرف بعض الأدوية، ولكن رغم هذه المعوقات فإن ما يحصل عليه العامل من مبالغ الوصفات الطبية سنوياً من الصناديق المشتركة لا يكفيه لزيارة واحدة إلى طبيب أو حتى مراجعة، وكذلك تغطيات العمليات الجراحية التي تغطيها تلك الصناديق لا تكفي لإجراء أصغر عمل جراحي لجهة التكلفة التي يضطر العامل في نهاية المطاف لأن يسدد فرقها من جيبه.
وتبقى الجهود، التي يبذلها القائمون والمشرفون على إدارة عقد التأمين الصحي للقطاع الإداري، كفيلة بتطوير الإجراءات الفنية المطبقة حالياً لتقديم الخدمات الصحية التي يغطيها عقد التأمين، إلا أن هناك من يسأل: هل تُعدل التشريعات الناظمة للتأمين الصحي كمشروع وطني ليصبح إلزامياً لجميع المؤسسات العامة؟ مع الإشارة إلى أن هناك بعض المؤسسات تستفيد من عقد التأمين الصحي وخدمات الصناديق المشتركة في آن واحد.