إخراجٌ مُرتبك لمسلسل تسويق الحمضيات .. والحلقةُ الأخيرة تكشف عقم الحلول..!
تشرين – بادية الونوس:
المشكلات المزمنة هي ذاتها لموسم الحمضيات الذي بات استراتيجياً على الورق فقط لكثرة المداولات بشأنه والصخب الذي يحظى به , بدءاً من تأمين مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومحروقات، وليس انتهاء بالتسويق الذي تواجهه المعوقات ذاتها, إذ تعقد الاجتماعات تلو الاجتماعات التي تعد بالتحضيرات لسلاسة التسويق، لتدوّر هذه المشكلات للعام الذي يليه والنتيجة هي ذاتها، والحلول التي يقترحها المعنيون استجرار أكبر كميات منها لمؤسسات «التجارة الداخلية» و لمنشآت التصنيع ، بموازاة تقديم التسهيلات للمصدّرين بما ينعكس إيجاباً على المزارع وعلى الإنتاج ككل .
فقد بلغت تقديرات الإنتاج الأولية للحمضيات حسب الأرقام الصادرة عن مديريات الزراعة لموسم 2022– 2023 نحو 640 ألف طن , منها 487 ألف طن في اللاذقية و 153 ألف طن في طرطوس.
ووفق المهندس نشوان بركات مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة يتوزع الإنتاج على 4 مجموعات, يشكل الحامض 14 %،البرتقال 56 %،اليوسفي 25 %الليمون الهندي 5 % ، وبيّن أن انخفاض الإنتاج المتوقع لهذا العام عن الإنتاج النهائي للموسم الماضي يعود إلى الظروف البيئية, مثل الصقيع الذي حدث نهاية آذار الماضي وتزامن مع إزهار بعض الأصناف وخصوصاً صنف (أبو صرة ) ، إضافة إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من أسمدة وأيدٍ عاملة, ما انعكس سلباً على المزارع وتالياً على الإنتاج ككل .
تحضيراتٌ جارية
يتحدث بركات بنبرة مفعمة بالثقة عن أنه تم التحضير لموسم الحمضيات الحالي بشكل مبكر، إذ قامت وزارة الزراعة منذ أكثر من شهرين بتشكيل عدد من اللجان المركزية من مديرية الاقتصاد ومديرية مكتب الحمضيات, مهمتها التنسيق مع الجهات المعنية المرتبطة بالعملية التسويقية , إذ تم عقد عدد من الاجتماعات مع الجهات المعنية بالعملية التسويقية , للتحضير لتسويق موسم الحمضيات، وستتم مناقشة خطوات العملية التسويقية خلال الاجتماع الحكومي في الأيام القليلة القادمة.
صعوباتٌ تسويقية
لكن المشكلات هي ذاتها الموروثة تاريخياً، إذ لم يتردد بركات في الإشارة إلى أن أغلب المعوقات والصعوبات التي تواجه الحمضيات تتعلق بالناحية الاقتصادية والتسويقية لجهة ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج ، ووجود ذروة تسويقية لأصناف متوسطة النضج خلال الفترة (بداية كانون الأول وحتى نهاية شباط) التي تتزامن مع سوء الأحوال الجوية، وعدم إمكانية تخزين المحصول على الأشجار , ما يؤدي إلى زيادة العرض في الأسواق وتالياً انخفاض الأسعار بشكل كبير .
مقترحات
تتركز الحلول – حسب بركات – في تدخّل الجهات المعنية في العملية التسويقية خلال فترة الذروة بشكل أساس مثل: استجرار «السورية للتجارة» لأكبر قدر ممكن من الإنتاج خلال فترة الذروة وتخزينه لطرحه في الأسواق في وقت لاحق, وتقديم التسهيلات اللازمة لمصدّري الحمضيات طوال الموسم ليتحول الفائض من عبء إلى مصدر للقطع الأجنبي , و زيادة استجرار منشآت التصنيع (معامل العصائر والمكثّفات) للإنتاج خلال فترة الذروة.
دعمُ الوزارة
عن دعم وزارة الزراعة المعنية بهذا الموضوع , يبيّن بركات أنها تقوم بتغطية دورها من الناحية الفنية والخدمية , من خلال استصلاح الأراضي القابلة للزراعة بالحمضيات وتأمين الغراس بأصناف متعددة ومتدرجة النضج، وكذلك تطبيق برنامج الإدارة المتكاملة للآفات ونشر الأعداء الحيوية للحصول على منتج خالٍ من الأثر المتبقي للمبيدات، إضافة إلى تأمين مستلزمات الإنتاج من الأسمدة المدعومة وتأمين الوقود الزراعي ضمن الإمكانات المتاحة، كما تمت مخاطبة هيئة الاستثمار السورية لوضع وتشميل إنشاء معامل العصائر والمكثفات للحمضيات ومراكز الفرز والتوضيب بمواصفات تقنية عالية.
أين هؤلاء؟؟
لعلها تصريحات إبراء ذمة من جانب جهة ذات صلة لكنها ليست الوحيدة في مجال إدارة «ملف الحمضيات» فثمة جهة أخرى – وزارة التجارة الداخلية وذراعها المؤسسة السورية للتجارة – هي المعنية أكثر بتسويق المحصول داخلياً، وجهات يجب أن تكون معنية بالتسويق الخارجي، وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، وغرف التجارة بكل منتسبيها الذين يجيدون المطالبة بفتح أبواب الاستيراد، ويتجاهلون أبواب التصدير المفتوحة، كذلك لوزارة الصناعة وغرف الصناعة علاقة لصيقة بمهمة « إنقاذ الحمضيات» ..فهي من تحدث وأسهب في الحديث عن معامل العصائر من دون أن تنجز خطوة واحدة في هذا الاتجاه..!!
الحكومة استعدت نظرياً عبر توجيهات وتوجهات أعلنت عنها مؤخراً، لكنه سيناريو يحصل في كل عام، ولم يشفع بعدم حصول الاختناقات التسويقية للموسم، لذا لايمكن الاسترخاء لمجرد الاستعدادات النظرية، والمزارعون “ينفخون في اللبن” وهم على حق.
محصول هذا الموسم لن يكون بالكميات التي كانت خلال الموسم الماضي، وهذا قد يقلل جزئياً احتمالات حصول اختناقات..لكن لايعني ذلك أن كل المعنيين هم على موعد مع اختبار قريب، حسبنا ألا يخفقوا فيه هذا الموسم .