الابن الوحيد بطل الأسرة الذي يواجه صدمات المجتمع
تشرين- نور حمادة:
يعد الابن الوحيد حالة استثنائية لها قواعد ومعايير خاصة بها، لكونه المصب الأوحد لكل انفعالات الأهل وعواطفهم، بل يسقطون عليه وحده أحلامهم وآمالهم باعتباره يشغل وضعاً فريداً في الأسرة، فيناله من المحيطين به قسط كبير من الرعاية يعود عليه بتأثيرات سلبية تجعله تحت وطأة مجموعة من الاتهامات المجتمعية، على أنه الابن الأناني المدلل الذي يستحوذ على مشاعر أبويه كلياً، معتبراً نفسه محور العالم والكل يدور في فلكه، وشخصيته مملوءة بالتناقضات والإشكاليات وكل ذلك يتوقف على تربيته الأسرية.
كما أن الدلال الزائد والتساهل في العقاب والتنفيذ المباشر للطلبات تساعد على إيجاد شخصية اتكالية سلبية تتخطى الحدود بجرأتها، ولا تستجيب للأوامر والنصائح ما يؤدي إلى انحرافات سلوكية فيما بعد، خصوصاً في مرحلة المراهقة على حد قول «سناء» التي مازالت تعاني من تصرفات ابنها الوحيد بسبب مبالغتها في تدليله إلى أن تحول إلى شخصية مسيطرة متقلّبة المزاج أحياناً وانطوائية أحياناً أخرى. وتتابع: لا أستطيع الاعتماد عليه فهو لا يتحمل المسؤولية ومستهتر ولا يعطي للأشياء قيمة، ولم أعد قادرة على ضبط الأمور وإعادة تربيته لأنه اعتاد على هذه الحال.
وأحياناً يعطي المجتمع الحق للأهل بالتدخل في حياة ابنهم الوحيد حتى بعد زواجه واستقلاله عنهم، تطبيقاً للموروثات الثقافية بأنه جزء لا يتجزأ من المنظومة الأسرية، ما يعطي مؤشراً سلبياً على العلاقة الزوجية، ويهدد استمرارها، ويصعّد الخلافات ويضخمها وهو ما حدث مع «بسمة» التي ارتبطت بشاب وحيد، وكان زواجها منه نقمة عليها بسبب تدخل أهله المستمر في شؤون حياته، وتقول: تدخّل عائلة زوجي غير المنطقي والزائد في حياتنا يسبب لي الكثير من المشكلات، ولهم كامل الصلاحية بفرض رأيهم وإجباري على التخلي عن بعض عاداتي وعلاقاتي الاجتماعية، وزوجي ضعيف الشخصية أمامهم وليس لديه قرار حاسم لحل هذا الإشكال.
كما يواجه الابن الوحيد عدداً من المشكلات الاجتماعية والاضطرابات النفسية، كضعف المهارات وصعوبة الاندماج مع أقرانه وشعوره بالقلق والاكتئاب وفقدان خصوصيته والثقة بنفسه نتيجة الاهتمام المبالغ فيه، الذي يختلف من أسرة إلى أخرى.. وبرأي الاختصاصية الاجتماعية لورا معروف أن التربية الصحيحة من أهم عوامل الاستقرار النفسي للإنسان وأن الدلال المفرط، وعدم أخذ مواقف حازمة عند الخطأ، وتلبية كل مطالبه تجعله يعيش حياة وهمية يصدم بها لاحقاً بواقع لا يعطينا كل ما نريد، منوهةً إلى أن تعلم تحمّل المسؤولية يقترن اقتراناً وثيقاً بتعلم الطفل الاعتماد على نفسه، ولكن هناك نوعاً من الأهالي يلقون بالمسؤولية الشاقة على ابنهم الوحيد في عمر مبكر التي تفوق قدرته، فيحصل عنده نضج مبكر يجعله يكره العمل في المستقبل.
وتضيف لورا: إن هناك سلسلة من المخاوف والضغوط تواجه الأهل عند تربية ابنهم الوحيد بسبب تفكيرهم المستمر بمستقبله، والقلق من إصابته بأي مكروه والمبالغة في حمايته، ما يجعله يعاني وساوس الشعور بالخطر الدائم، فيصبح أقل قدرة على مواجهة العالم وحده.
وتؤكد لورا اتباع قواعد مهمة في تربية الابن الوحيد، وهي تعليمه مبدأ العطاء مع الآخرين وتشجيعه على الاستقلالية، وعدم التعلق والالتصاق بالوالدين وتعليمه تقبل الفشل، كما يتقبل النجاح وعدم التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياته بقصد حمايته، ونترك له فرصة التجريب، ونطبق معه مبدأ الثواب عند الإنجاز والعقاب عند الخطأ، وتعليمه تحمّل المسؤولية، والإجابة عن كل أسئلته، وعدم الكذب عليه ومصادقته، وقضاء وقتٍ كافٍ معه، وتأمين بيئة اجتماعية مناسبة له، وطلب المساعدة من المختصين إذا كان الأهل يعانون من مشكلة ما في تربيته.