«تلج.. يا تلج.. تعال اروي عطشك وعطش أحبابك»
تشرين- أسامة شمس:
إذا كنت من زوار ريف دمشق، سيستوقفك مشهدٌ درامي تأخذك الذاكرة به إلى أعماق ستينيات القرن المنصرم، إذ كان البائع يجد السبيل لتصريف منتجاته بطريقة تلائم مشتريها.
في مدينة جرمانا تحديداً سيستوقفك المشهد، حين تجد المكان مزدحماً في إحدى حاراتها بعدد من المواطنين حول طاولة خشبية مربعة الشكل، ليست كبيرةً ولا صغيرة، ففي كل يوم من أيام الصيف ومع اشتداد الحرارة يتجمهر الناس حولها عند الحادية عشرة صباحاً حتى إنك تكاد لا ترى وجوههم، وإنما ترى أيدي مرتفعة مع قطعة ورقية نقدية، وتسمع ضجيجاً “يا أخي عطيني قطعة تلج».
وثمة صوت يعلو ضجيج أصوات الناس «تلج.. يا تلج.. تعال اروي عطشك وعطش أحبابك بقطعة تلج»، بهذه العبارة البائع ينادي، ترويجاً لمنتجاته وشد انتباه الناس إليه, إنها عبارة سلسة على اللسان، تشكل مع الصوت المتناغم والطاولة الخشبية لوحةً درامية أو منعطفاً مشهدياً تلفزيونياً استحضرته الذاكرة لك، لربما شاهدته في أحد المسلسلات التلفزيونية الشعبية القديمة.
قطع الثلج بأكياسها البيضاء الشفافة تشكّل مصفوفة جذابة للناظر إليها، وتخلق رغبة أو دافعاً لشرائها، ولاسيما مع منظرها البسيط، فتبعث السرور في داخلك.
وبراد الثلج الذي يزور المنطقة كل يوم، يتوقف هنا ليزود البائع بألواح الثلج ببياضها الشديد آخذاً كل لوح بقوة، واحداً تلو الآخر إلى المكان المخصص له، ليحفظه بعيداً عن الحرارة المرتفعة .
وبمهارة عالية يتحلى بها البائع ومشهد تقليدي بسيط يقبل البائع على لوح الثلج، ويضعه على الطاولة، وبيده منشار حديدي مخصص ليقطعه إلى قطع متساوية الحجم، ويضع كل قطعة داخل كيس أبيض شفاف على الطاولة، ولتكون في متناول يدي المشتري بيسرٍ وسهولة .
هذه الظاهرة بنمطها التقليدي البسيط انتشرت بسرعة كبيرة في الآونة الأخيرة لتشكّل باب رزق للعديد من الأسر، وخاصة مع اشتداد حرارة شمس الصيف، ولاقت رواجاً شعبياً واسعاً وترحيباً من أهالي ريف دمشق.