احذروا أردوغان.. حديث سريع بالاقتصاد
عندما يتم التحذير من مخططات أردوغان، وتلونه، فلهذا أسباب كثيرة .
لن ندخل في السياسة، ودور أردوغان، وكل ما قيل، حيث بات معروفاً، بل مكروراً..
سنتحدث بقليل من الاقتصاد لنعرف أن ما وصلنا إليه لم يكن سوى نتيجة، تم التخطيط له، لأنه لو بقيت الأمور سائرة على النحو السابق، أي ما بين عامي 2004- 2010 لما قامت قائمة لنظام أردوغان وبلده..
إن نظرة سريعة اليوم إلى الواقع التركي الاقتصادي، ووضع الليرة، والتضخم، يقود إلى القول إن كل ذلك حصل وسورية تعاني ما تعاني من جراء الحرب والعقوبات والحصار، فكيف لو كانت الصورة معكوسة وسورية معافاة، وعلى سابق عهدها الاقتصادي؟
وكي نفهم القصة بشكل سلس، لابدّ من العودة قليلاً إلى الوراء، الجارة تركيا صديقة الأمس، كسبت قبل العام 2010 اقتصادياً فاجتاحت الأسواق السورية خلال “شهر عسل” في العلاقات السياسية والتجارية بين البلدين، البضائع التركية، نافست بقوة البضائع السورية، من حيث الجودة والسعر والشكل .
أدركت سورية هذا الوضع، وأحست بحراجة الموقف، فدعمت خمس مدن صناعية، بأعلى المواصفات العالمية مع محطات كهرباء مستقلة للصناعات 24/24 من دون انقطاع وقدمت قروضاً للصناعيين بالمليارات حتى لا يكون هناك مبرر.. وبالفعل بعد خمس سنوات فقط باتت البضائع السورية، منافساً قوياً ليس للبضائع التركية فحسب بل للصناعة الأوروبية أيضاً، وهناك معامل كانت تنتج للتصدير فقط وبأعلى المواصفات .
هذا الواقع فتح العين التركية، على عاصمة الصناعة السورية، وراحت تتحين الفرصة للاقتصاص منها وإيقاف عجلة النمو الاقتصادي فيها مهما كلف الأمر .
ووصلت ذروة عدد المصانع المسروقة في العام 2013 إلى نحو ألف معمل. ويكفي أن نشير إلى واقعة شهدتها منطقة “الشيخ نجار”، أكبر تجمع للصناعات في الجزء الشمالي الشرقي من حلب، مساحة المدينة الصناعية 4412 هكتاراً، تم تهريب معاملها إلى تركيا.
وللعلم أيضاً، وكي نرى ما حصل لاحقاً، لابدّ من الإشارة إلى أن الميزان التجاري مع تركيا في سنة 2006 كان 85% لصالح الأخيرة، وفي سنة 2010 أصبح 53% لصالح تركيا، ولو استمر الوضع الصناعي بالتحسن بالوتيرة ذاتها وفقط لخمس سنوات أخرى لكان كارثياً على تركيا، من هنا نفهم الانخراط التركي فيما حصل في سورية، فهذه أحد أهم أسباب انخراط أردوغان في الحرب على سورية، وسرقت المعامل بعد تفكيكها .
نعم أردوغان لص.. سرق المعامل والقمح والنفط.. وهو اليوم يسرق الأرض، ويتذكر السوريون، ومنهم أصحاب معامل ضخمة في حلب، السنوات الأولى للحرب بحسرة، وما آلت إليه أمور مدينة الصناعة السورية الأولى ودرّتها، بعد تفكيك مصانعها مع معدات ووسائل نقل أُرسلت إلى تركيا.
لذلك لابدّ من إقفال الحدود بأي ثمن وتسهيل عمل الصناعيين وقطع الطريق على اللص وزبانيته، وخلال سنتين على أبعد تقدير سننطلق من جديد، فحلب قادرة على النهوض وقيادة القاطرة السورية، لكن أولاً وعاشراً لابدّ من كف يد اللص الأكبر ووأد أساليبه الخبيثة ولا ننخدع مرة أخرى، فما علا صوته من جديد إلّا لأنه أحس بالحرج مرة أخرى، ويريد الاستثمار مجدداً في سورية .