لا يوجد كتّاب يلامسون بيئاتهم بطروحات درامية مروان قاووق: كل ما قدمته كان مما سمعت وشاهدت ورأيت!

حوار: ميسون شباني
ينسج حكايات وقصص كنا نسمعها من الجدات، وروى قصص بطولة وشهامة، ورسم بمخيلتنا شكل الحارة من بابها لمحرابها، وأخدنا بالحدوتة إلى الحواري العتيقة ليفتح باباً وخلف كل باب حكاية.. الكاتب مروان قاووق ابن الشام العتيقة وكاتبها الأشهر فمن ينسى معتز القبضاي، أو أبو عصام حكيم الحارة، أو حتى سعاد اللي بنت حكاية وراءها العديد من الحكايات..
(تشرين) التقت الكاتب قاووق وكان لها هذا الحوار:
* هناك نقلة نوعية بمزاج الكتابة الذي عودتنا عليه فمن أعمال البيئة الشامية إلى الأعمال الاجتماعية، ما سرّ هذا التوجه؟
أود أن أؤكد على فكرة أن أعمال البيئة الشامية مطلوبة أكثر على المحطات العربية، وكنت ملتزماً بعدة عقود بخصوص هذه الأعمال مع شركات الإنتاج، لكن كان لزاماً علي أن أعود إلى الأعمال الاجتماعية لذا قمت بكتابة مسلسل “الكرزون” ومعناه الرجل الخفي، وتنطلق أحداثه من خلال رجل الأعمال “عدنان” محرك الأحداث الرئيسي لذا يبتدع فكرة الاختفاء والمراقبة عن بعد لكشف الأشخاص المحيطين بعائلته، ويحاول اكتشاف أعداءه بعد الانفجار الذي حدث في ميناء بيروت والأزمة المالية التي عصفت بالبنوك اللبنانية، وكيف تأثر اقتصادياً بالانفجار وغير مجرى حياته، تتسارع الأحداث لتظهر حكاية كل شخصية من شخصيات النص ودواخلها وارتباطها بمن حولها، لذا يحاول مساعدة ابنته عن بعد عبر كشف نيات الأشخاص المحيطين بها وتربصهم بثروتها وبما تركه لها، الأمر الذي يدفعها إلى أن تغيير عاداتها وسلوكياتها اليومية وتعيد النظر بما تقوم به، اعتقد أن هناك طرحاً جديداً بضرورة المحافظة على الأموال وإبقائها ضمن البلد، بالإضافة لقصص وحكايات شيقة، ومعالجة لبعض قضايا الشباب التي يعانونها نتيجة الظرف الاقتصادي وانعدام فرص العمل..
الكاتب ابن بيئته..
* من “الكرزون” إلى أعمال البيئة الشامية التي باتت تشبه بعضها، لماذا هذا الإصرار على تقديمها وأين بصمة الاختلاف لك ككاتب؟
لا لا كل عمل يختلف عن عمل آخر، ويختلف الكتّاب في طريقة العرض وتقديم الحبكة الدرامية، أنا أقدم دوماً حكايات جديدة وأحداثاً متنوعة ربما تكون غير مطروقة، وأحاول تقديم معالجة درامية بطريقة تستهوي مزاج المشاهد وتشد انتباهه للمتابعة، صحيح أن هناك بعض كتاب البيئة الشامية يقلدون ويستعيرون من أفكار البيئة الشامية ومن أعمالي ويقومون بإعادة تدوير الفكرة وتقديمها بشكل يظنونه جديداً، لكن هذا يضرهم لأن ذلك هو ما يجعل الأعمال تتشابه فيما بينها نتيجة الاستسهال، وهذا يحدث نتيجة الطلب المتزايد لهذه الأعمال من الخارج، لا ننكر أن لها سوقاً كبيراً وجمهوراً عريضاً، إضافة إلى أن بعض كتّابها ليسوا من أبناء هذه البيئة، لذلك لم ينقلوا تفاصيلها بأمانة وبدت كتجميع لحكايات متعددة من هنا وهناك، وأنا أركز على فكرة مهمة أن من يكتب أعمال البيئة الشامية يجب أن يكون من البيئة نفسها.
مصطلحات شامية
* هناك بعض المصطلحات كنت الراعي الرسمي لها منها كلمة “عكيد” وحتى أسماء الأشخاص كانت غريبة أبو النار، أبو ساطور، الإدعشري وغيرها، لماذا هذه الغرائبية بالأسماء؟

المفروض على الكاتب كي لا يهين اسم الشخصية أن يبحث عن اسم غريب وجديد لأن اسم الشخصية يثير التساؤلات لذلك عندما نختار اسماً غريباً مثل الإدعشري، أبو حديد، أبو النار، أبو ساطور.. أسماء كلها تجعلنا نبتعد عن النقد، ونستطيع أن نكتب بأريحية أكبر ونحمل الشخصية ما نريد، فمثلاً شخصية “أبو بدر” هي شخصية كوميدية وراقية، واحد من الجيران يحمل نفس الاسم عاتبني بشدة بسبب لقبه وتشابه اسمه مع “أبو بدر” في مسسلسل “باب الحارة”.. لذلك ابتعد عن الأسماء الحقيقية للناس كي لا يستوقفني أحد بهذا الخصوص.
أنا ابن الشام
* لماذا لاتخرج من عباءة الأعمال الشامية، وهل سورية كلها الشام، أين باقي البيئات من أعمالنا، أليس هذا ظلم لباقي المحافظات وللنسيج السوري؟
**أولاً اللهجة البيضاء السورية هي التي انتشرت في الوطن العربي منذ انطلاقة الدراما السورية، ولكن نستطيع أن نطرح تساؤلاً أهم لماذا لا يوجد كتاب يلامسون بيئاتهم بطروحات درامية؟ سورية مليئة بالمثقفين والكتّاب وهم أولاد المناطق التي ترعرعوا فيها، أين هم من بيئاتهم، انا ابن الشام وحواريها لا أستطيع أن أنقل تفاصيل البيئات الأخرى بأمانة، وبالمناسبة إلى الآن المجتمع المحافظ مازال موجوداً، ولكن العادات اختلفت مع مرور الزمن، وأنا لا أقول أن هذه هي الشام، وبالنهاية الشام نماذج وثقافات متعددة وكل مجتمع له ثقافته وعاداته وتقاليده ، وتاريخ سورية تاريخ كبير وعريق،لذا فضلت الابتعاد عن التوثيق لأنني سأقع في المطب التاريخي، والتاريخ وجهات نظر، أنا أطرح حكاية حارة ما متخيلة تستند إلى قصة جميلة محبوكة درامياً.
قصص متخيلة
* المرأة هي أساس الحكاية بالعمل الشامي ما مدى مصداقية هذا النوع من الحكايات؟
كي نبتعد عن التقليد نضع للمرأة دوراً في معظم أعمالنا، لذلك نعزز حضورها أكثر من الرجل، لذلك تنسج الحكايات والقصص المرتبطة فيها وتكون المحرك الدرامي، لا توجد أي قصة واقعية عبر ما قدمته، وكل ما قدمته كان مما سمعت وشاهدت ورأيت ودمجته بأسلوب درامي بعدة شخصيات، ووسعت خطوطه حتى شكلت البناء الحكائي الدرامي لهذه الأعمال.
أغلقوا باب الحارة
* ماذا عن باب الحارة، ألم يحن الوقت لإغلاق هذا الباب؟
الحقيقة أنني أسمع أصواتاً كثيرة تنادي بإغلاق هذا الباب واعتبروا ما قدم فيه لا علاقة له بالشام لامن قريب ولامن بعيد، والعمل تعرض لنقد كبير وبأسلوب جارح، ولكن ما لا يعلمه الجمهور أن شركات الإنتاج العربية تطالب فيه وأنا ملتزم حالياً بكتابة الجزء الثالث عشر منه وسنتناول ما جرى بسورية من أحداث بعد الاستقلال وسيكون هناك إعادة لبعض الفنانين الذين أحببناهم بالأجزاء الأولى منهم: محمد خير الجراح، شكران مرتجى، هيثم جبر، فادي الشامي..
*جديدك القادم؟
يتم حالياً تصوير اسكيتشات بيئية شامية لصالح المنصات الإلكترونية وهي تحمل عنوان “حواري الخير” من إخراج ظهير غريبة، وهو عبارة عن حكايات متنوعة قصيرة وتعتمد التكثيف الدرامي بأسلوب مشوق عبر حكاية سريعة تحاكي هموم الناس ومشاكلهم، ومدة السكيتش حوالي 4-5 دقائق وتشارك فيه نخبة من الفنانين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار