صقور ونصر” في رحاب الأدب الروسي”
ثناء عليان
أقامت اللجنة الثقافية لخريجي المؤسسات التعليمية السوفييتية والروسية فرع طرطوس بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب العرب ومركز الشعلة ندوة حوارية بعنوان “في رحاب الأدب الروسي” في مركز الشعلة للأداء المتميز شارك فيها كلٌّ من الأديبين مالك صقور وشاهر أحمد نصر، قدما خلالها لمحة موجزة عن الأدب الروسي المعاصر وتناولا فيها علاقة الأدب الروسي بالغرب، وأهمية النقد الأدبي الروسي.
وأشارا إلى أن هناك ثمّة ظاهرة تستدعي التوقف عندها، وهي ظاهرة ولع شعوب روسيا، ودول الاتحاد السوفييتي السابق، ودول أوروبا الشرقية بنمط الحياة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية عموماً، لافتين إلى أن بطرس الأول (1672- 1725) دشنّ العلاقة المثمرة بين روسيا والحضارة الغربية بعد رحلته إليها، فقام بتحديث الإمبراطورية الروسية، وبناء الأسطول والقوات البحرية، وإصلاح الجيش والدولة والكنيسة، وأنجز ثورة إدارية وصناعية وثقافية، وأرسل كثيراً من الطلبة الروس للدراسة في الجامعات الأوروبية، ما قاد إلى انفتاح روسيا على الحضارة الأوروبية.
وتطرق الأديبان صقور ونصر إلى أهمية النقد الأدبي الروسي مشيرين إلى مدارس النقد الأدبي الروسية التي تتفاعل معها مختلف مدارس النقد الأدبي في العالم، وإلى عبقرية النقد عند الأديب الروسي بيلينسكي الذي كان على اطلاع جيد على الفلسفة، وتأثره- لفترة -بالفكر المثالي والفلسفة الهيغيلية، ليتجاوزها مع الاحتفاظ بفهمه الديالكتيكي في معالجة القضايا الأدبية وتبيان ارتباط مظاهرها المتباينة و وحدتها، وهو القائل في رسالته إلى غوغول: “إن روسيا بحاجة إلى أناس يعملون على إيقاظ الشعب، وإيقاظ شعوره بالكرامة الإنسانية…” وهذا يدلنا أنّه ينبغي للأديب والشاعر، وللناقد أن يكون ملمّاً بأسس الفلسفة ومناهج التفكير كي تعينه في تقديم عمل فني ناجح.
كما تناول الأديبان مدرسة باختين، ولاسيّما، في دراسته لمؤلفات دوستويفسكي، مشيرين إلى قول ميخائيل باختين: “تقوم عقيدة دوستويفسكي على مبدأ – تأكيد وجود “أنا” الآخر المختلف ليس كموضوع، بل كذات فاعلة أخرى، ويرتبط بطل دوستويفسكي بعلاقة خاصة بالفكرة، ويقدم الروائي وصفاً ليس لحياة البطل، بل وصفاً لحياة الفكرة في داخله، ويصبح “مؤرخ الفكرة”، فالبطولة لديه هي الفكرة، وينقسم عالم الرواية إلى عوالم الأبطال، التي تنظمها وتتحكم بصياغتها الأفكار والأصوات التي تمتلكها الرواية، وتعدّ كثرة الأصوات المستقلة، وتعدد أشكال الوعي، وتعدد الأصوات الأصيلة؛ السمة الرئيسة المميزة لروايات دوستويفسكي، لذلك يرى باختين أنّ دوستويفسكي هو مبدع رواية متعددة الأصوات، إذ يظهر في أعماله البطل الذي بنى صوته، كما يبني صوت المؤلف نفسه في الرواية العادية، والكلمة في رواياته تتمتع باستقلالية استثنائية داخل بنية العمل الأدبي، إذ إنها تصدح وكأنّها إلى جانب كلمة المؤلف تتمازج وتقترن بشكل فريد معه ومع أصوات الأبطال الآخرين كاملة القيمة وفائقة الأهمية، وفي الختام؛ تساءل الأديبان صقور ونصر هل استفاد أدباؤنا من هذه النظرية؟ وكيف يتفاعل النقاد معها؟