عندما يعجز الأب عن تلبية متطلبات أسرته وانعكاس ذلك على الحياة الأسرية
ياسمين الخجا
لا شك في أن أغلبية الأسر السورية تعيش أوضاعاً اقتصادية ضاغطة وصعبة من جراء الأوضاع العامة في بلدنا، هذه الظروف فرضت نفسها على الجميع، وباتت تعكر صفو البيوت والعلاقات الأسرية أمام العجز عن تلبية متطلبات الحياة والأولاد.
من هذا الواقع يبرز السؤال وهو في شكله بسيط : كيف يتدبر الآباء والأمهات أمور أسرهم.. وما انعكاس الظروف الاقتصادية والعجز عن تلبية الاحتياجات من جراء ارتفاع الأسعار.. وكيف يقرأ المهتمون الاجتماعيون تلك الظاهرة؟
أسئلة حملتها (تشرين) بحرارتها وعفويتها إلى المهتمين بهذا الشأن فكانت لهم آراء وتحليلات تدخل في عمق هذه المشكلة وتذهب بعيداً في التحذير من التبعات الكبيرة فيما لو بقيت الأمور على حالها.
وترى الدكتورة فريال حمود -اختصاص أصول التربية والتدريس في جامعة البعث : ” هذه النظرة تتعلق بالثقافة السائدة لبيئة الأسرة وتأسيس عقولهم عن دور الأب كمسؤول منفرد عن تأمين موارد الأسرة، أو مشاركة الأم في ذلك، وأيضاً العمل الذي يؤديه الأب ومستوى الدخل المعتاد، والمساهمة في إدارة الموارد والصرفيات المالية التي كانت تمارسها الأسرة قبل الوصول إلى الضائقة الاقتصادية، فيجب توعية الأبناء الأكبر سناً لمساعدة الأبوين في ضبط النفقات.”.
اضافت :” أما الصغار من الأطفال يمكننا استخدام بعض الأساليب تساعد في فهمهم الموضوع ببساطة ومن دون حرج مع التدرج المتوسط الشدة في ضبط النفقات.”
وحسب الدكتورة حمود :”الأم مركز التحكم في كثير من هذه القضايا لتحيطهم بالأمل والثقة وتجنب إلقاء تعابير الضيق والتذمر وخصوصاً أمام الأبناء.. للأب هالة كبيرة في إضفاء مساحة من الرضا لدى أبنائه في توضيح الحالة الراهنة وسعيه المستمر نحو تعديل المسائل الطارئة.”
ولا ننسى أن دور الأب أساسي فهو صمّام الأمان لكن أحياناً تكون ردود الأبناء غير جيدة تجاه تقصير والدهم،.وبدورها رأت الباحثة الاجتماعية إيمان أحمد ونوس : ” إن الظروف المعيشية الراهنة وضعت الآباء في منطقة عازلة للأسف بسبب البطالة والغلاء وعدم إمكانية تلبية جميع الاحتياجات الأسرية، ولكن هناك أبناء يعرفون ويعون حقيقة وضع الأب وعدم مقدرته على تأمين متطلباتهم كافة في ظلّ الأوضاع الصعبة، فيتنازلون عن بعض احتياجاتهم كدعم مادي ومعنوي للأب الذي يقدرون ما قدّمه سابقاً لأجلهم، قد يصل الأمر ببعضهم إلى الغضب أو التمرّد على الأب، كما أن دور الأم هو تنشئتهم بالأساس القائم على الحب والاحترام، وبالتالي يضطّر الكثير من الآباء للعمل بأكثر من وظيفة كي يستطيعوا تأمين الضروريات الحياتية من طعام ودواء وتعليم. والغياب الطويل قد يجعل فراغاً في نفوس الأولاد، ما يشعرهم بالنقص من جميع الاتجاهات، ولا يمكن لأولئك الأبناء سوى النظر لوالدهم على أنه مُقصّر بحقوقهم (التربوية والنفسية والمادية)، ولم تعد له تلك المكانة المعهودة وهذا ما يفرض على المعنيين والمسؤولين الانتباه إلى ما ستكون عليه الأجيال القادمة، وما سيؤول إليه وضع الأسرة بشكل عام و وضع الأبوين بشكل خاص إن استمر ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والجوع في المجتمع والتي وصلت إلى مستويات قياسية مرعبة”.