نحن نصنع الخوف في دواخلنا ونغذِّيه.. لؤي شانا: من قمة المعاناة نستولد الكوميديا
حوار: ميسون شباني
استنباط الأفكار وإحياؤها عبر عرضٍ مسرحي كان هاجسه، ويحرص دائماً على المغامرة بتقديم شبابٍ جدد في أي عرض يقدمه، واليوم على خشبة مسرح الحمراء في دمشق، يُقدم المخرج لؤي شانا في عرضه المسرحي “موت موظف” محاكاةً جديدة للخوف في دواخل النفس البشرية وتأثيره في مسيرة حياته.. حول فكرة الخوف وأسلوب طرحه عبر فضاء المسرح يتحدث شانا لـ«تشرين»:
* فكرة العرض، وأين مكامن التجديد فيه، وبماذا استكملت قصة العرض المسرحي؟
الفكرة مأخوذة عن القصة القصيرة لأنطون تشيخوف بعنوان “وفاة موظف”، وأنا قمت بمسرحة القصة وحولتّها إلى عرضٍ مسرحي لمدة ساعة من الزمن عبر خمس لوحات متنوعة، وفكرة التجديد تكمن في اعتمادي على الفكرة في المشهد الأول، وبقية المحاور لا علاقة لها أبداً بالموضوع وطورت تداعيات هذه الفكرة بما يتعلق ويتناسب مع البيئة التي نعيش فيها، والعرض في بنيته الكلية يؤكد أنه لا وجود للخوف بداخلنا، بل نحن نصَّنعه ونغذِّيه حتى يكبَر، وربما يقتلنا إذا تركناه يسيطر علينا ويجعلنا نتأرجح بين الإحباط واليأس, وغير قادرين على اتخاذ أي قرار…
* لماذا اللجوء للنص العالمي، أليس ممكناً إيجاد نصٍّ محليٍّ وبناء قصة جديدة؟
برأيي الخاص؛ لا يوجد شيء اسمه نصٌّ عالميٌّ، أنا ضد هذه التقسيمات في الأدب.. فالفكر الإنساني، فكرٌ واحد، وقد أجد فكرة نصٍّ صينيٍّ تتناسب مع الواقع المحلي الذي نعيشه، لأنه باعتقادي أن الإنسان هو واحد أينما كان، وله آلام واحدة، وتبقى بعض التفاصيل مختلفة، التي لها علاقة باللغة واللهجة والبيئة، وهنا مقدرة المخرج المُعّد أو المؤلف إلى أي مدى يستطيع تحويل المادة الأجنبية إلى شيءٍ له علاقة بالبيئة التي يعيشها..
* بين الإعداد المسرحي وإخراجه إلى أي مدى يساعد في تشكيل الشكل البصري والفني للعرض؟
* أنا منذ تخرجي في المعهد العالي للفنون المسرحية حتى اللحظة أعتمد على كتابة النص، ولم أقرأ حتى الآن نصاً يُعبّر ويلبي طموحي ومشروعي المسرحي كمخرج، صحيح أنني أتناول أفكاراً بالقصص القصيرة، ولكنني اعتمدت هنا على لوحات كاريكاتيرية لفنان سوري عالمي مشهور، وحولت هذه اللوحات إلى عرض مسرحي، وأعتقد أن المخرج يستطيع أن يديره بنظرة ثاقبة، وهنا تتوضح قدرته باصطياد الأفكار التي يريد أن يتناولها عبر العرض المسرحي ..
* العرض كوميديا ممزوجة بألم شديد في بعض اللحظات، كيف مازجت بين الحسِّ الكوميدي والمعاناة؟
* هذا ما يُسمى الكوميديا السوداء، وأنا أحبها، وهي نوعٌ صعب جداً، والسؤال كيف يمكن أن أُضحِكَ هذا الإنسان وجعله يتفكّر به، فمن قمة المعاناة نستولد الكوميديا وهنا مكمن الصعوبة..
* ألوان الطيف السوري ولهجات متعددة كانت حاضرة عبر العرض، ماذا أردت أن تقول عبر هذه التوليفة؟
غايتي الأولى، كانت الاستفادة من الممثلين الموجودين في العرض ومن لهجاتهم المحكية عبر السياق المسرحي كي تكون هناك مقاربة بينهم وبين الشخصية التي يقدمونها، فهذا يشعرهم بالدور بشكلٍ أكبر، وأردت إيصال رسالة؛ أن ما يعانيه المواطن السوري الموجود في حلب يعانيه كلُّ المواطنين من كل المحافظات من أجل ذلك تعدد اللهجات كان له هذا البعد…
* جمالية السينوغرافيا واللباس حتى لباس الممثلين كان لافتاً، كيفية الاشتغال على الكركترات من خلال ورشة الطاولة؟
* الحقيقة أن 90% من الممثلين لم يتناولوا أيَّ نصٍّ بين أيديهم على الإطلاق، وهم أصلاً وصلوا مع توقيت العرض حتى عرفوا إلى أين تذهب الشخصيات، وهذه الطريقة تعلمتها من خلال أسلوبية المعهد العالي القائمة على الارتجال على الفكرة، وعلى النص، وكيف أضع الممثل بظرفٍ معين من دون أن نعرف إلى أين سيصل؟؟ إضافة إلى أننا حللنا الكثير من الأفكار قبل تقديمها عبر الخشبة..
* أليست مجازفة إدخال هذا الكم من الشباب الجدد في عرض مسرحي؟
هذه ليست أول مرة أجازف بشباب عبر عرض مسرحي، بل سبق أن قدمت شباباً جدداً في عروضي السابقة، وقمت بإخضاعهم لورشة عمل مكثفة كي يعرفوا كيف يقفون على خشبة المسرح وكيف يمثلون الدور المسرحي، وأعتقد أن النتائج كانت مرضية تماماً، وحاولت استثمار المواهب وخاصة ممن لديهم مواهب في الغناء والرقص ووظّفتها درامياً بما يخدم الفكرة التي أريد…