هل يصبح الإلكتروني بديلاً؟.. الدكتور نايف الياسين: “كتاب في اليد خير من عشرة على الرَّف”

سلام الفاضل
لا يمكن أن ننكر ما أحدثه التطور التكنولوجي من قفزات نوعية طالت مفاصل الحياة جميعها، بدءاً من المواقع الإلكترونية التي تفنن مالكوها في هندسة فحواها من خلال برمجيات فنية تُعبّر عن المحتوى، وتسهّل عملية وصول الخدمات إلى الزائرين، انتقالاً إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي يسّرت عمليات التفاعل البشري، وجمعتها في فضاء إلكتروني رحب، وصولاً إلى منصات المشاهدة الإلكترونية التي قد يعدّها كثيرون البديل المستقبلي لأجهزة التلفزة المنزلية، وسوى ذلك الكثير.
ولم يكن الشأن الثقافي بمعزل عن هذا الفيضان المعلوماتي متعدد الطيف، إذ انخرط هو الآخر في هذا الأمر شأنه شأن مرتكزات حياتية أخرى، فظهرت المواقع الإخبارية، والصحف الإلكترونية، والكتاب الإلكتروني الذي حقق حضوراً مميزاً، ولاسيما في صفوف الفئات العمرية الشابة، وأخذ يسيرُ في بعض المجتمعات كتفاً إلى كتف مع الكتاب الورقي.
وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب – كانت من أوائل المبادرين للانخراط في هذا المشروع، وذلك عبر سلسلة “الكتاب الإلكتروني” التي أطلقتها منذ سنوات عدة، ونشرت عبرها كثيراً من الكتب الإلكترونية التي لاقت رواجاً بين القرّاء والمهتمين. وللوقوف على واقع الكتاب الإلكتروني، وميزاته، ومستقبله، وأهميته في عصر المعلومات والحركة السريعة هذا؛ التقت “تشرين” الأستاذ الدكتور نايف الياسين المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب الذي رأى أنه: ” لا بدّ أن نقرّ أن كثيراً من القرّاء ما زالوا يفضلون قراءة الكتاب التقليدي والتمتع بملمسه، على الرغم من الشعبية المتزايدة التي باتت تحظى بها التطبيقات الإلكترونية التي تُمكّن القارئ من قراءة الكتب إلكترونياً”. وأردف: “إلّا أن الكتاب الإلكتروني يوفر، على الرغم من ذلك، تنوعاً، ويمتاز بخصائص واضحة لا يستطيع الكتاب المطبوع توفيرها، ومنها: إمكانية الحصول عليه في أي زمان ومكان، بحيث يستطيع المهتم أن يُنشئ مكتبة كاملة على حاسوبه المحمول أو اللوحي؛ إضافة إلى سهولة حمله ونقله وتبادله وقراءته كلما سنحت الفرصة لذلك، إلى جانب ما يوفره من امتياز استعمال القاموس المتوافر على الجهاز نفسه لمن يقرأ كتاباً بلغة أجنبية، وإتاحة بعض الأجهزة المخصصة للقراءة ميّزة إظهار معنى الكلمة، أو تعريف المصطلح مباشرة دون الحاجة لمغادرة الصفحة؛ فضلاً عن أن الكتاب الإلكتروني يمكّننا من تبديل حجم الخط بالشكل الذي يلائمنا، وإضافة الملاحظات، وإبراز بعض الفقرات بطرق مختلفة، والبحث عن عبارات أو كلمات بعينها بسرعة كبيرة، الأمر الذي يفيد الباحثين بصورة خاصة، كما أنه أكثر رأفة بالبيئة، لما قد تلحقه صناعة الورق من ضرر بيئي ذي أثر سلبي، يُضاف إلى ذلك عامل ليس بقليل الأهمية، وهو أن ثمن الكتاب الإلكتروني أقل بكثير من ثمن الكتاب المطبوع، بل بات الآن في الإمكان الحصول على عدد هائل من الكتب الإلكترونية مجاناً”.
واستناداً إلى المزايا كلها التي ذكرها الدكتور الياسين في معرض حديثه فقد أجاب عند سؤاله عن إمكانية أن يحلّ الكتاب الإلكتروني يوماً محل الكتاب المطبوع بالقول: “لا يعني هذا بالتأكيد أن الكتاب المطبوع سيختفي، لكن نظراً إلى المزايا جميعها آنفة الذكر، وسواها، فأظن أن استعمال الكتاب الإلكتروني لا بدّ أن يزداد شيوعاً، بحيث قد يقتنع كثيرون ممن اعتادوا استعمال الكتاب المطبوع بمحاولة تغيير هذه العادة”. مشيراً إلى أن: “النشر الإلكتروني في الهيئة العامة السورية للكتاب، ونظراً إلى الموارد الشحيحة المتاحة لنا بسبب الظروف الحالية، سيوفّر بديلاً حيوياً ينبغي تشجيعه واستثماره إلى أقصى درجة ممكنة، بحيث نتمكّن من إيصال الكتب التي ننشرها إلى القارئ حرفياً”. مبيّناً في الختام: “إن كان المهم في الأمر هو قراءة الكتاب، فيمكن القول تشجيعاً على استعمال الكتاب الإلكتروني (إن كتاباً في اليد خير من عشرة على الرَّف..).