أطباء التخدير في سورية عملة نادرة و تناقص أعدادهم يهدد بشلِّ القطاع الطبي
نور حمادة
توالت التحذيرات طوال الأشهر الماضية حول تداعيات النقص الفادح لأطباء التخدير في سورية، ودقت رابطة التخدير وتدبير الألم مراراً جرس الإنذار لتسليط الضوء على مدى خطورة واقع أطباء التخدير وانعكاساته على قطاع الرعاية الصحية والعمليات الجراحية، وتفاقم ظاهرة نزيف الأطباء والكفاءات إلى الخارج، حيث يهاجر الكثيرون منهم بفعل توافر حوافز ومغريات اقتصادية ومهنية لهم هناك.
وحذّرت رئيسة رابطة التخدير وتدبير الألم في نقابة الأطباء الدكتورة زبيدة شموط في تصريح لـ«تشرين» من خطورة النقص المستمر في أعداد أطباء التخدير، حيث قدّرت عددهم بـ 500 طبيب فقط، يتوزعون على مستشفيات عامة وخاصة، بينما الحاجة تصل إلى 1500 طبيب لتغطية النقص الحاصل، إضافة إلى أن هناك أطباء نخسرهم نتيجة حالات الوفاة فيما بينهم.
ولفتت شموط إلى أن هناك مطالب ومقترحات تم طرحها، وبناءً عليه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصحة ووزارة التعليم العالي، وتم منح المكافأة التي طالبنا بها بالنسبة لأطباء التخدير منوهةً بأنه لا بدّ من اتخاذ حلول جذرية لبقية المطالب، لأن ذلك يعطي الخريجين الجدد حافزاً وتشجيعاً لدخول الاختصاص.
مشيرةً إلى أن المكافآت وحدها غير كافية لتحسين وضع أطباء التخدير، إن كان في الجهات العامة أو الخاصة، وأنهم بحاجة للحصول على الحوافز تحت بند الأجور، وهذا يؤدي إلى تعديل مستوى دخلهم، إضافة لحصولهم على المكافآت المجزية بنسبة تتراوح بين 50 – 70% , معتبرةً أن السرعة في اتخاذ القرارات مطلوبة ومهمة جداً، للمحافظة على الكوادر الطبية الموجودة لدينا، علماً أن الطبيب السوري مشهود له بالمستوى العالي، وأن الدول الأخرى تقوم باستقطابه بأي وسيلة.
مؤكدةً أهمية الدراسات التي قامت بها الرابطة التي تخص وضع أطباء التخدير والفنيين، وأخذها في الحسبان- كما أعلن الدكتور فواز هلال اختصاصي تخدير وعناية مركزة، والمسؤول العلمي في رابطة اختصاصيي التخدير وتدبير الألم- أن واقع أطباء التخدير في سورية سيئ جداً، وسنوات قليلة قادمة ونفتقد لوجود أطباء التخدير لدينا، وتم طرح الموضوع مراراً منذ عام 2016 ولم نحصل على حلول جذرية وجميعها حلول مسكّنة، علماً أن هناك الكثير من المشافي المركزية والجامعية المصنفة هيئات عامة تم تقليص العمل فيها أو إلغاؤها.
وأشار هلال إلى أن أعداد اختصاصيي التخدير تشهد تدهوراً سريعاً، ولا توجد إحصائية دقيقة لعددهم، إذ يسافر عدد من الأطباء أسبوعياً إلى الخارج، فضلاً عن غياب الفئة العمرية الشابة في هذا الاختصاص، وإن وجدت فأعدادهم قليلة وهم مشروع سفر أيضاً، لافتاً إلى أن معظم اختصاصيي التخدير اليوم من ذوي الأعمار المتقدمة ومعظمهم وصل إلى سن التقاعد، وأن طبيب التخدير لا يعطى حقه على أكمل وجه، ويتعرض لضغط مادي كبير، وأن تعرفة وزارة الصحة على الرغم من غبنها فإن كثيراً من الأطباء لا ينالون ربعها على أحسن تقدير ومع ذلك نطالب بتطبيقها.
وبدوره أوضّح مدير عام مشفى الزهراوي الدكتور علي محسن أن المشفى لا توجد فيها سوى طبيبة تخدير واحدة تغطي القسم قدر الإمكان، بمساعدة فنيي التخدير الذين يقومون بمساعدتها في الحالات الإسعافية فقط، أما الحالات التي تستدعي وجود طبيب التخدير فتؤجل أو لا تجرى إلا بوجوده، لذلك تقتصر العمليات الباردة على يومين في الأسبوع، وتغطية الحالات الإسعافية 24 ساعة على مدار الأسبوع.
وأكد محسن أنه لم يحصل أي خطأ طبي في المشفى في السابق ولا حالياً بسبب النقص الحاصل بأطباء التخدير، مؤكداً أهمية إعطاء أطباء التخدير حقوقهم كاملة، ورفع سقف الأجور التي يتقاضونها لتحقيق حياة كريمة لهم، بسبب الجهد الذي يبذلونه وتعرضهم للشدة النفسية والضغط الناتج عن ساعات العمل الطويلة ومحاولة استقطابهم جميعهم.