تبدو أوروبا كصورة موحدة، لكنها في الواقع هي صورة مُقسمة ومنقسمة.
اليوم تتزايد الخلافات في صفوف الحلفاء الأوروبيين، أعضاء «ناتو»، بشأن نشر قوات جديدة في أوروبا الشرقية، وكيفية بناء الوجود العسكري للحلف في أوروبا الشرقية على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ففي حين دعت دول البلطيق وبولندا الحلف لنشر المزيد من قواته على أراضيها بمزاعم «التهديد الروسي»، تشكك دول أخرى بمزاعم هذا التهديد.
دول البلطيق “لاتفيا وليتوانيا وأستونيا” وبولندا تطالب بتوسيع وجود التحالف العسكري بشكل كبير على أراضيها وتوفير أسلحة حديثة وأنظمة دفاع جوي، في حين يشكك أعضاء آخرون في التحالف، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا، في أن روسيا ستشكل تهديداً لأراضي «ناتو» في المستقبل القريب.
ووفقاً لاقتراح سري مشترك من دول البلطيق، ورد فيه أنه “يمكن لروسيا حشد قوات عسكرية بسرعة ضد الحدود الشرقية لـ”ناتو” ومواجهة الحلف بحرب قصيرة، وهذا الأمر واقع”، مقترحاً أن “يتم تكليف ونشر فرق من 20 ألف فرد لكل منها، في ظل وجود التهديد”.
إلّا أنه في الوقت نفسه، تخشى الدول الأخرى أن يكون نقل مثل هذه القوات المهمة إلى أوروبا الشرقية مكلفاً جداً، وسيضعف إمكاناتها العسكرية في أجزاء أخرى من العالم.
فالعديد من دول الحلف تعتبر أن نشر قوة كبيرة من «ناتو» شرق أوروبا على أساس دائم أمر مكلف وغير مريح، كما أن هذه الدول تخشى أن يدير الحلف ظهره للتهديدات الأخرى التي ركّز عليها في السنوات الأخيرة، بما في ذلك «الإ*ره*اب» والهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط، وهذه الموضوعات تشكل أكبر مصدر قلق لدول مثل إسبانيا وإيطاليا.
ودعت دول الجناح الشرقي لـ«ناتو» الأعضاء الآخرين في الحلف للتخلي رسمياً عن اتفاقية العلاقات والتعاون والأمن المتبادل بين روسيا والحلف شمال الأطلسي لعام 1997، مقابل التزام روسي بالحفاظ على السلام، لكن بعض أعضاء الحلف من أوروبا الغربية والولايات المتحدة حذرون من الرفض الصريح للاتفاقية، مشيرين إلى أنها أداة مفيدة للتنسيق المستقبلي بين «ناتو» وروسيا.
يشار إلى أن «ناتو» يعمد إلى تعزيز وجوده في أوروبا الشرقية في سياق استفزاز روسيا والتضييق عليها إذ تقدمت كلٌّ من فنلندا والسويد بطلبات رسمية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو”، في المقابل ترى روسيا أن توسيع حلف «ناتو» لن يجلب المزيد من الأمن إلى أوروبا.