هل أصبح التجميل هوساً للرجال قبل النساء ؟
دينا عبد:
أصبح التجميل هوس الكثير من الرجال قبل النساء، حيث وصل التعلّق بعمليات التجميل إلى درجة الإدمان لتغيير الشكل الظاهر الذي ينطوي غالباً على تشوّهات، وآثار جانبية جسدية ونفسية، ولكن هل من الممكن أن يكون اضطراباً نفسياً لدى الشخص تجعله مقتنعاً بقبح شكله، ما يدفعه إلى البحث عما يحسّن مظهره الخارجي؟.
اختصاصية الصحة النفسية د.غنى نجاتي تبين أن إجراءات الجراحة التجميلية قد لا تكون لهدف طبي وإصلاح تشوه عضوي، بل قد تكون نتيجة خلل نفسي لا يتم علاجه بل يتم كبته وتجاهله، ليجد الإنسان بهذه الجراحة سبيلاً لتفريغ التوتر الانفعالي، ووسيلة لمحاولة إرضاء ما كسر من ذاته، وعندما تتوفر الإمكانات المادية يصبح تعود إجراءات التجميل أمراً سهلاً، فكما يوجد أشخاص يلجؤون لخفض مستوى كربهم النفسي، واستعادة توازنهم الداخلي، فينغمسوا في سلوكات سلبية، كالإفراط بتناول الطعام غير الصحي، التدخين، نوبات عنف وعدوان، سوء استخدام العقاقير والمسكرات، هناك من يلجأ للتجميل وإجراءاته ليس لأنه بحاجة طبية له، بل بسبب أنه يملك القدرة الاقتصادية على تحمل تكاليفه، ويتخيل أنه بهذه الإجراءات ستتجمل حياته، وتتحسن نفسيته وتنتهي مشاكله، ويتلاشى حزنه، ولكن بعد القيام بالتجميل، وتغير شكلهم الخارجي يشعر الإنسان بالإحباط الشديد، لأنه لم يصل للرضا والسعادة التي تخيلها فيقع في دوامة من الإحساس بالندم والشعور بالذنب مع الاكتئاب، وطبعاً السبب في ذلك أنه كان بحاجة لجلسات نفسية لتعديل سلوكه ومشاعره، وليس لإجراءات تجميلية لتغير شكله الخارجي.
لذلك ليس مستبعداً أن يظهر الاكتئاب والقلق والوسواس القهري كجانب ملازم لعدم الرضا عن نتائج التجميل، والشعور بالخجل والازدراء من آثاره، فكثير من الحالات تشعر بالندم وتعرف أنها تسرعت بقرار التجميل وتتمنى لو ترجع عقارب الساعة للوراء حتى لا تقوم بهذه الخطوة.
ولذلك يعدّ الثراء والترف من العوامل التي ساهمت بانتشار موضة إجراءات التجميل، وأعرف حالات قليلة قامت بإنفاق معظم ما ورثته من مال، واستعملت كل مدخراتها المالية المتواضعة، حتى تلحق بقطار التجميل، لعلها تنال النجاح والجاذبية والسعادة التي تروج لها مراكز التجميل بطريقة ساحرة.
وبالنهاية أحبّ القول إني مع عمليات التجميل والترميم التي تكون لسبب عضوي وطبي، أو كإجراء تجميلي يسعى لتحسين شكل الإنسان، حيث لدي صديقة كانت تعاني بدانة شديدة، وقامت بخسارة ما يفوق ٣٠ كيلو غراماً من وزنها خلال فترة قصيرة جداً، ما أدى لترهل كامل جسدها وسبَّب لها ذلك إحراجاً وضيقاً شديدين، أثّرا على تكيفها وثقتها بنفسها، فأرشدتها لإجراء عملية جراحية للتخلص من الجلد الزائد، على أن تجرى لمرة واحدة وبإشراف مختصين من حملة شهادات مرخصة، لتجاوز الحالة التي وصلت إليها.