الأجور بركب الغلاء
على ما يبدو أن تسونامي ارتفاع الأسعار مؤخراً لم يقتصر على السلع بل عصف بطريقه بأجور وسائط نقل الركاب والشحن وحتى أجور المهن والحرف على تنوعها.
الملاحظ أن أجور وسائل نقل الركاب بمختلف سعاتها وخاصةً منها العاملة على مادة المازوت بدأت برفع أسعارها من دون أي معايير أو ضوابط، ومسوغها في ذلك أن الكميات التي تسلم لها بالسعر النظامي لا تكفي جميع سفراتها، ما يدفع أصحابها لشراء المادة من السوق السوداء بسعر فاق لليتر الواحد الأربعة آلاف ليرة، ومن جراء ذلك فإن الزيادة في الأجور على بعض الخطوط تخطت الثلاثين بالمئة، وهو أمر زاد الأعباء المادية على الموظفين وطلاب الجامعات إلى حدود لا تحتمل.
كذلك الشاحنات وبنفس المسوغ رفعت هي الأخرى أجور نقلها للخضار والفواكه وغيرها من البضائع الأخرى وبنسب مماثلة لما سبق أو حتى أكثر، وعلى المستفيد من خدماتها الامتثال للأجور التي تفرضها من دون أي اعتراض، وخاصةً أن الشاحنات العاملة قليلة ولا يغيبها التضامن فيما بينها لجهة توحيد الأجور تفادياً لاحتمال حدوث أي مضاربة أو منافسة تجبرهم على كسر تلك الأجور.
في جانب آخر وعلى وقع ارتفاعات أسعار المواد الأولية وأجور الشحن، فإن أصحاب المهن رفعوا أيضاً قيمة أعمالهم، لكنهم لم يكتفوا برفع القيمة إلى الحدود التي تساوي فروقات ارتفاع المواد الأولية فقط، بل استدركوا معها زيادة إضافية في أجرهم بما يفي بتغطية فروقات ارتفاعات أسعار السلع المعيشية التي حدثت ولا تزال تحدث في الأسواق.
بالمجمل فإن من يتكبد تبعات كل ارتفاعات أسعار السلع وأجور نقل الركاب والشحن والمهن، هم ذوو الدخل المحدود الذي أصبح -وبالرغم من ضعفه أصلاً- يتآكل يوماً بعد يوم تاركاً الأسرّ المأسورة به والمكرهة عليه تتلوى حسرة من شدة ضنك العيش وتقطع سبل تدبره.
بالتوازي مع الخطة التي وضعتها الجهات الوصائية لإدارة الموارد والمخازين الأساسية من نفط وقمح وغيرها خلال المرحلة الاستثنائية الراهنة والقادمة، فإن المأمول وبأسرع ما يمكن وضع خطة طوارئ محكمة لمتابعة الأسواق وضبط تجاوزاتها لجهة فحش الأسعار والتمادي بالاحتكار، وكذلك ضبط أجور نقل الركاب والشحن والمهن قبل أن تستفحل وتتفاقم أكثر فأكثر إذا ما استمرت على هذا المنوال مستغلةً ضعف الرقابة وبهتان هيبتها.