يعاني الأمن المائي العربي مخاطر جمّة تنذر بكوارث خطرة على مختلف الصعد، وخاصة في ظلّ النقص الحاصل في الموارد المائية الناتج عن عوامل طبيعية أثّرت على نحوٍ لافت في خفض منسوب كمية المياه، هذا من جانب، أما الجانب الآخر فهو تسييس هذا الملف ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالموارد التي تتشكّل من منابع خارج الحدود العربية.
وهذا الأمر يكتسب أهميةً بالغة، ولابدّ من أخذه في الحسبان عند البحث عن أسباب انخفاض غزارة المياه وإيجاد حلول لمعالجة تداعياتها، لكن الأهم بحث هذا الملف مع دول الجوار وتحييده عن التسييس لضمان حصتنا من الموارد المائية وسهولة تدفقها بعيداً عن أي عائق يحول دون ورودها بدءاً من المنبع عبر الدول المتشاطئة وصولاً إلى المصب، وفقاً للقوانين الدولية التي تضمن حقوق المتشاطئين وحصصهم المائية.
ففي سورية والعراق، خضعت مواردهما المائية من نهري دجلة والفرات للتسييس نتيجة الضغوط والابتزاز من النظام التركي بحق الدولتين وشعبيهما في ظل الظروف التي تمر فيها المنطقة على نحوٍ عام والدولتان على نحوٍ خاص لابتزازهما سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وقد دفع شعبا البلدين ثمن وقف تدفق المياه عبر النهرين، ولا يزال الأمر مستمراً مع تفاقم معاناة النقص الحاصل في الموارد المائية الذي قلّص المساحات المزروعة وحوّل أغلب الأراضي من مرويٍ إلى بعلٍ.
هناك بوادر انفراجٍ في هذا الملف بشّر بها الجانب العراقي، عساها تفضي إلى حلٍ يرضي الجميع، وتنهي معاناة استمرت سنوات تراوح مكانها، فزيارة وزير الموارد المائية العراقي إلى سورية كشفت عن تحرّكات لعقد اجتماع سوري- عراقي مع الجانب التركي لبحث ملف المياه، أكدت سورية أهميته لعله ينتج حلولاً تنعكس إيجاباً.. فلننتظر ونرَ.