ليبيا.. المتوقع والمؤكد
في ليبيا، المتوقع بات مؤكداً؛ الانتخابات في طريقها إلى التأجيل، وهذا الأمر قد يُعلن بين يوم وآخر خلال الأسبوع المتبقي على الموعد المحدد لها في الـ24 من هذا الشهر.
لقد جاء إعلان المفوضية الليبية العليا للانتخابات عن عدم قدرتها على نشر القائمة النهائية للمرشحين بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر الآمال بإمكانية تحقيق الانتخابات، فالخلافات ما زالت قائمة وحادة بشأن القواعد الأساسية الحاكمة لهذه الانتخابات، وإطارها الزمني، إلى جانب أن أهلية المرشحين البارزين لخوض الانتخابات ما زالت قيد جلسات المحاكم.
لا شك أن تأجيل الانتخابات سيدفع بمزيد من الحطب إلى مرجل الخلافات بين الفرقاء الليبيين، علماً أن فريقاً واسعاً من الليبيين والمراقبين وأطراف خارجية يعتقدون أن التأجيل هو أهون شراً من انتخابات لن يرضى بنتائجها أحد، بل إن التحذيرات بلغت أقصاها في الأيام الماضية من أن فوز أي من المرشحين الرئيسيين فيها، القذافي أو حفتر أو الدبيية، هو عملياً إعلان عودة إلى الميدان.. عودة يعززها وجود عشرات الآلاف من المقاتلين والمرتزقة الأجانب المتأهبين كل إلى جانب الطرف الذي يدعمه والذي لن يعترف بنتائج الانتخابات إذا لم يكن فائزاً فيها.
هل حقاً تأجيل الانتخابات أهون شراً من إجرائها؟
ربما هو كذلك باعتبار أن التحذيرات من العودة إلى الميدان تكاد تكون محل إجماع ولها الكثير مما يدعمها على الأرض، فمنذ الإعلان عن بدء مسار العملية الانتخابية قبل نحو شهر، لم يمر يوم واحد من دون هجمات على مراكز انتخابية واقتحامات لها واشتباكات توسعت في كثير من الأحيان لتتحول إلى قتال شوارع.. هنا يبرز سؤال أيضاً: هل تأجيل الانتخابات سيحمي البلاد فعلاً من العودة مجدداً إلى الميدان؟
الجواب يأتي بين نعم ولا، هناك من يرى أن التأجيل سيضع ليبيا مجدداً تحت رحمة من يفضلون لغة السلاح، خصوصاً أن التأجيل في حال تم فإنه لن يكون من السهل تحديد موعد جديد للانتخابات.. إلى جانب أن التأجيل لا بد وأن يقود إلى عدة تأجيلات بالذريعة نفسه، أي حماية البلاد من نتائج الانتخابات.. هذا يعني عملياً أن الانتخابات لن تتحقق.
وهناك من يرى أن التأجيل ضروري لمزيد من التشاور والتوسط وتقريب المواقف، وهذه ليست مهمة مستحيلة، مستشهدين بوجود دعم دولي مهم يدفع باتجاه تحقيق الانتخابات، معتبرين أن التأجيل ليس نهاية الدنيا كما يهوّل البعض، بل هو مهلة كغيرها من المهل التي انعكست بصورة إيجابية واسعة قادت في نهاية المطاف إلى الاتفاق على انتخابات رئاسية وبرلمانية. بين هؤلاء وهؤلاء لن يطول الوقت لنعرف مصير الانتخابات ومآلات إجرائها.. أو تأجيلها.