«ديمقراطية» مفقودة!
«قمة الديمقراطيات» التي دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى عقدها الشهر الجاري، وحتى قبل انتظار المخرجات نكاد نجزم أنها تتعلق بكل شيء إلا بعنوانها، فأن نصدق أن ثمة «ديمقراطية» أمريكية فهذا يعني «شرعنة» جميع أعمالها الإرهابية على مدى عقود وإلى اليوم، وكأن أمريكا لم تقتل الأطفال، وتشرد الملايين، حتى إن المجاعة ضربت بسبب أعمالها الكثير من الدول، وأدت إلى إفقارها، فالديمقراطية الأمريكية ليست إلا بدعة فحسب.
الحكم المسبق على القمة، مرده إلى أنها جاءت بدعوة أمريكية، في حين أن سجل واشنطن بات واضحاً في هذا السياق للقاصي والداني، ومرده أيضاً إلى دعوة دول وتجاهل دول أخرى تجاهلاً متعمّداً كروسيا والصين، وعند هذه النقطة نجد المفتاح، كما تمت دعوة كيان الاحتلال الإسرائيلي.
إن تجاهل أمريكا لروسيا والصين على نحوٍ خاص يأتي في سياق المواجهة بين واشنطن وكل من روسيا وبكين، إذ تعمد الأولى إلى محاولات إحياء الحرب الباردة –كما تراها بكين- التي أساساً نتلمسها هذه الأيام في سياق المخاضات السياسية الحاصلة راهناً، إذ إن دعوة البعض تأتي في سياق تشكيل اصطفافات جديدة تبحث عنها واشنطن دائماً، وحتى لو أبدت أمريكا بعض «المرونة» فهي «مرونة» كاذبة فقط حقيقتها اللعب في الوقت بدل الضائع، وفي البحث عن تلك الاصطفافات نشمّ روائح التقسيم والتفريق بين الدول، وهذا ما تراه موسكو.
المؤكد في سياق الأحداث، أن واشنطن لا يحقّ لها الحديث عن الديمقراطية، فمن يتفنن بالحصار الاقتصادي وتداعياته المرتبطة بتجويع الشعوب وحرمان الدول من تحقيق تنميتها المستدامة، ومن يتدخل في شؤون الدول الأخرى، ويشن عليها الحروب بما تتركه من تأثيرات مأسوية تحت حجج وذرائع يتم الاعتراف متأخراً بأنها «أخطاء»، ومن يدعو الكيان المحتل لأرض لا يملك فيها حقاً و«يشرعن» ممارساته العدوانية الدائمة بحق أصحاب الأرض الحقيقيين، لا يملك مفاتيح الديمقراطية، ليس ذلك فحسب بل إن عدم دعوة تركيا تأتي في مجال المناكفات السياسية فقط .
إن مفردات مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وغيرها من المسمّيات ما عادت معايير يمكن البناء عليها راهناً، لأنها تحولت بفعل السطوة والهيمنة الأمريكية إلى أدوات للضغط السياسي على الدول والمماحكات السياسية، أما العمل على تحقيقها ، فهو ليس من اهتمامات أمريكا أو على أجنداتها أبداً.