العزف على وتر الخلافات
اللعب على نار التوترات وإذكاؤها، سياسة أمريكية– إسرائيلية دائمة، ولاسيما إذا كانت هذه التوترات بين دول إقليمية متجاورة، إذ يكون اللعب عليها له أهدافه وتوجّهاته الخاصة، الخفية والواضحة في آنٍ، ومن هنا، فإن حديث شبكة “i24 news” الإسرائيلية، عن الأزمة بين المغرب والجزائر، ليس مجرد رأي في مقال بل إنه دخول مدروسٍ بعناية على خط أزمة بين بلدين لتحقيق الغاية الخبيثة من ورائه.
الصحيفة السابق ذكرها تحدثت عن تلك الأزمة في توجّه واضحٍ لدقّ إسفين بين الدولتين الجارتين واستغلال مشكلة بينهما يمكن حلها في إطار ثنائي عربي لغايات عدة .
صحيح أن عدم التوافق المغربي- الجزائري ليس وليد اليوم، فعمره عقود فيما خص قضية الصحراء الغربية، ولو بقيت هذه التوترات محصورةً بين أطرافها المعنية، ولاسيما بين الدول المتجاورة من دون تأثير أطراف أخرى، فإنها لا بدّ ستنتهي إلى حل ما، على نحوٍ يصبّ في حفظ الأمن والاستقرار، خصوصاً أن ما يجمع تلك الدول المتجاورة أكثر مما يفرقها، إذ تجمعها الجغرافيا، وكذلك الاقتصاد والثقافة والعادات والتقاليد والروابط الاجتماعية، ومن الطبيعي أيضاً أن تفرض العوامل الجامعة تأثيرها.
المستهدف الأساس من العزف الإسرائيلي على وتر الخلافات المغربية- الجزائرية، هو الجزائر، لعدة أسباب بينها رفض الأخيرة التطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي ، ووقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية على نحوٍ خاص والقضايا العربية على نحوٍ عام ودعمها حركات التحرر والمقاومة مع تمسكها بنهجها المقاوم، وطبعاً هذه المعطيات كلها لا تروق ولا تتماشى مع توجهات كيان الاحتلال الإسرائيلي، لذلك، كان لا بدّ من إيجاد بيئة ملائمة لتحقيق تلك التوجّهات، أي خلق الفوضى وإطالة أمد التوترات وصولاً لزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي.. وبمعنى أدق إشغال الجزائر عن القضايا الأساسية بقضايا ثانوية.
على نحوٍ عام، ما أتت عليه الصحيفة الإسرائيلية المذكورة يمكن عدّه لغايات خبيثة، والمواجهة تكون بالحكمة والتعقّل وعدم الانجرار وراء ما يحقق للعدو غاياته من خلال تعميق الشروخ الموجودة، بل بالحكمة، وقراءة الأحداث جيداً، وعدم السماح لأطرافٍ عدوانية بالنبش والعبث بالشؤون الداخلية.
إن هدف الكيان الإسرائيلي، محاولة خلق أكبر وأوسع بيئة مطبّعة على امتداد جغرافيا الوطن العربي، وأحد سُبلها إلى ذلك إيقاظ الخلافات وإذكاؤها بين دوله.