تتزامن محادثات فيينا بين الغرب وإيران لإحياء الاتفاق النووي الإيراني مع قرب عودة إيران للأسواق الأوروبية والغربية، ما يشير إلى تحول جوهري في شكل السياسة الغربية بخصوص الشرق.
وكانت الصين وإيران وقعتا اتفاقية لتبادل الموارد والخبرات كخطوة إستراتيجية لدمج الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمبادرة الصين الاقتصادية الحزام والطريق، وما يقابله من مسارات التعاون الاقتصادي والعسكري الثنائي بين إيران وروسيا، والذي يتوسع بسرعة إلى حد تتطلع فيه إيران بشكل متزايد للانضمام للاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا.
وستحدد مشاركة إيران المباشرة في مشاريع الربط الإقليمية بشكل فعال توجهها الجيوسياسي والاقتصادي ضمن حدود الشرق، مع تطوير علاقاتها الاقتصادية مع الغرب، وتحديدها فيما يتعلق بالعلاقة نفسها مع الشرق كأرضية رئيسية تربط الجغرافيتين.
ويكمن الدافع لتوسيع العلاقات بين إيران وروسيا من خلال جهود روسيا المنسقة لتطوير الممر التجاري بين الشمال والجنوب كوسيلة لتعويض الممر الشرقي- الغربي الذي يهيمن عليه الغرب والخاضع للعقوبات الجائرة.
وازداد الحوار السياسي المباشر بين روسيا وإيران بعد انتهاء حرب إقليم ناغورني كاراباخ مؤخراً، وذلك لتوسيع العلاقة، وعزل المنطقة المتاخمة لحدود البلدين عن التدخلات الخارجية الاقتصادية منها والعسكرية.
ويظهر الحوار الروسي- الإيراني المتنامي تحولاً إستراتيجياً بعيداً عن مجرد التركيز على الحسابات الجيوسياسية والتعاون في المنطقة، وبالتالي إعادة تعريف العلاقة في ضوء التطورات العالمية التي تشمل دفعاً أميركياً ممنهجاً لإعادة تموضع علاقاتها وهذا يحدث بوتيرة غير مسبوقة ولضرورات إقليمية وعالمية.
وتسعى إيران لاستكمال عضويتها في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي سيساعد في تغيير المشهد السياسي الأوراسي، خاصة في جنوب القوقاز، والشرق الأوسط. وستكون طهران قادرة على امتلاك أوراق رابحة في سياستها الخارجية وبشكل أكثر حزماً تجاه تقاليدها.
وستنهي عضوية إيران في الاتحاد الاقتصادي الأوروبي فعلياً عزلتها التي تفرضها واشنطن. فعلاقات إيران المتنامية مع روسيا والصين، ستعزز قوتها الوطنية، وتجعلها أكثر ثقة في محادثاتها مع الغرب، وبالتالي دفع تعاونها العسكري المباشر بشكل أعمق لتطوير علاقاتها في تحالف استراتيجي، لاسيما أن إيران تمتلك خبرات كبيرة وواسعة في مجال الفضاء والأقمار الصناعية والذي حظي باهتمام روسي واسع، ما سيعزز القدرات العسكرية في المنطقة، والذي يترافق بدعوات موسكو باستمرار لتعميق الحوار، وتطوير الاتصالات في مجال الدفاع.
والإدراج الرسمي لإيران سيفسح الطريق أمام الاتحاد الاقتصادي الأوراسي للتوسع خارج حدوده الإقليمية التقليدية.
وستزيد موسكو من مساراتها البديلة للأسواق والتجارة في الشرق الأوسط وخارجه، والذي سيدعم بقوة بناء ممر يربط أذربيجان وأرمينيا مع روسيا وتركيا وصولاً لإيران.
وبالتالي، تتوسع العلاقات الثنائية الإيرانية الروسية، وتتنامى مع الاتحاد الأوراسي من خلال المصالح التي تخدم بلدان أوراسيا بطرق متعددة، وهو ما سيزعج صانعي السياسة في واشنطن، بسبب الفشل الممثل لسياستها في إجبار النظام الإيراني الخضوع للإملاءت الغربية وإجراء تغييرات وهو ما ترفضه طهران جملة وتفصيلاً.
فتعاون طهران المتزايد مع روسيا والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بالإضافة للصين، سيقوض مساعي وأهداف أميركا وربيبتها “إسرائيل”.
نيو إيسترن آوت لوك