أشار مقال نشره موقع “رون بول إنستيتيوت” الأمريكي إلى أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مارك ميلي، في محاولة منه لتبرير الميزانية العسكرية الضخمة التي وضعتها إدارة الرئيس جو بايدن والبالغة 750 مليار دولار للسنة المالية 2022، تذرع أمام الكونغرس بأن الجيش الصيني يبني قدراته العسكرية بمعدل خطر للغاية ومستدام.
ورأى المقال أن ما فعله ميلي ليس مفاجئاً إذ كيف يمكن لمؤسسة الأمن القومي الأمريكية أن تبرر ميزانياتها المتزايدة باستمرار من دون التذرع بوجود أعداء خارجيين، بل المفاجئ هو عدم ذكر روسيا في نفس الوقت، إلى جانب كوريا وكوبا وطالبان وفنزويلا وإيران وربما حتى فيتنام أيضاً!.
وأشار المقال إلى أن بكين وموسكو كانتا العدوين الرسميين، أو الخصمين، خلال الحرب الباردة التي حافظت على تمويل البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي وذلك عندما قيل أن كلا البلدين جزء من مؤامرة شيوعية دولية وإذا لم يتم تحويل المبالغ المتزايدة من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين إلى خزائن مؤسسة الأمن القومي الأمريكية، فسوف ينتهي الأمر بالولايات المتحدة إلى الوقوع في هذه المؤامرة.
وقال المقال: في الواقع، كان التهديد المفترض بـ”الشيوعية”، هو المبرر لتحويل الحكومة الفيدرالية إلى دولة أمن قومي في المقام الأول، إذ إنه لأكثر من 150 عاماً، عملت الحكومة الفيدرالية الأمريكية كجمهورية ذات سلطات محدودة، لكن بعد الحرب العالمية الثانية، تم تحويلها إلى دولة أمن قومي بغرض شن الحرب الباردة ضد الصين وروسيا وبقية دول الاتحاد السوفييتي السابق والدول الشيوعية بشكل عام، وكان ذلك عندما اكتسبت مؤسسة الأمن القومي الأمريكية سلطات مطلقة، بما في ذلك سلطة الاغتيال.
وأضاف المقال: وفي حين كانت تعتقد مؤسسة الأمن القومي أن الابتزاز باسم الحرب الباردة سيستمر إلى الأبد، فإن التوجه السوفييتي لوقف الحرب الباردة من جانب واحد في عام 1989 كان مفاجئاً بالنسبة لها، لكن بالطبع كانت ما تزال الصين موجودة لتسد الفراغ، تماماً مثل كوريا وكوبا، رغم أن “البنتاغون” ووكالة المخابرات المركزية كانا يعلمان أنه من دون الاتحاد السوفييتي، لن يكون مخططهما الاحتيالي في الحرب الباردة قوياً بما يكفي لتبرير الميزانيات المتزايدة باستمرار.
وتابع المقال: لكن بعد ذلك جاءت هجمات الحادي عشر من أيلول، التي أوجدت العدو الرسمي الجديد ليحل محل الشيوعية ألا وهو “الإرهاب”، فعاد “البنتاغون” ووكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي إلى الاحتيال ووضع ميزانيات سنوية متزايدة باستمرار تحت ذريعة شن “الحرب العالمية على الإرهاب”، وتم غزو أفغانستان والعراق، حيث تسببت القوات الأمريكية في قتل ودمار هائلين على مدار سنوات عديدة.
وقال المقال: لكن بعد 20 عاماً من التدخل في أفغانستان والشرق الأوسط، بدأت القوات الأمريكية تتراجع، ما يعني أن كل التخوف حول كيفية وصول الإرهابيين إلى الأمريكيين سوف يفتقر إلى التأثير الذي أحدثه عليهم في السنوات التي تلت هجمات 11 أيلول، فماذا تفعل الولايات المتحدة الآن؟.
يجيب المقال بالقول: حان الآن وقت العودة إلى الصين وروسيا باعتبارهما أعداء أمريكا الرسميين القدامى- الجدد، لكن بالتأكيد لن تنفع ذريعة “التخوف من الشيوعية”، لذا ستعوّل واشنطن على إثارة خوف الأمريكيين بنفس القدر وتضمن عدم تشكيكهم في تدفق المبالغ المتزايدة من أموالهم الضريبية إلى خزائن المخابرات العسكرية.