محاكاة ..!

حكى، يحكي، حكايةً، وحاكى، يُحاكي، محاكاةً… وكلاهما تنفعان، لأنني تعلّمت من والدي بالمحاكاة والتقليد كيف أحكي حكايةً، بل تعلّمنا، أنا وإخوتي، كيف نلتقط بالمحاكاة أيضاً تفاصيلَ ناعمة كانت تبدو لنا كأطفال غير ذات قيمة إلا بكونها تصدرُ عن الأب، بما يرمز إليه من رهبة ومثالٍ حيٍّ للتصرفات والأقوال.
كان والدي يُستَفزُّ جداً حين يرى عشرات التفاصيل اليومية التي تضربُ مثل «المقارع »على وتر صبره وأفكاره «المثالية» عمّا يجبُ أن تكونَ عليه الأشياء في سيرورتها اليومية، فمثلاً: كان يزمجر غضباً من الأغبياء الذين يرمون «العِلكة» كيفما كان, وأينما كان بحيث إنها «تلزق» بالثياب مثل الصمغ وتتركُ «بناطيلنا» موشومة بالدّبق والأصبغة فنصبحُ مثل فأرةٍ وقعت في مصيدة لزجة!.. لذلك كان يُرينا كيفَ علينا أن نغلّفها إمّا بمحرمة قبل أن نرميها في السلة أو على الأقل أن نتركها في مكان فيه تراب لكيلا تنزعَ نهارَ أحدهم بالشطّ والمطّ والقهر والغضب!.
فيما كان طوال مشاوير المشي الذي درَّبَنا عليها وتعلّمناها بالمحاكاة أيضاً – مرّةً بحجة الرياضة, ومراتٍ لعدم توفر أجرة الركوب وعشراتٍ بسبب ازدحام الباصات/الديناصورات – ينقفُ بطرف حذائه أيَّ حجرٍ متروكٍ وسط الطريق، أو زجاجةَ عصير رماها أحمقٌ ما، أو كِسرات زجاجٍ حطّمتها السيارات، أو مسمار تركه أولادٌ عفاريت… حرصاً منه ألّا يتأذّى أحدٌ من الناس، وهو يردّدُ لازمةً تشبهُ جملة تتصادى في عرضٍ مسرحيّ هزليّ: يا إلهي…عجيب… أين تذهب عقولُ البشر؟!.
وبالمحاكاة حكيتُ لكم، وسأحكي كيفَ أنّ امرأةً أتتْ إلى حكيمٍ «ربما هو غاندي؟!», واشتكتْ إليه شَرَهَ ابنها لأكل السكّر والحلويات وعجزها عن جعله يتوقف برغم آلاف التنبيهات والتحذيرات والنصائح منها، طالبةً من الحكيم أن يقول لابنها أنْ يكفَّ عن تناول السكّر, فطلبَ منها الحكيمُ أنْ تأتيه بعد أسبوعين، ثم حين عادت هي وولدها، حملقَ في عينيّ الولد، ووجّه له سبّابةً محذّرة، وقال له: إيّاكَ أنْ تأكلَ السكّر مرة ثانية لأنه مضرٌّ بصحتك, رمقتْه الأمُّ متعجبة: أطلَبتَ منّي أنْ آتيكَ بعد هذه المدة لتقول له هذه الجملة فقط؟!… أجابها: كانَ عليّ يا سيدتي أن أمتنعَ أنا أولاً عن أكْل السكّر!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
سورية تشارك في اجتماعات الدورة الـ 28 للجمعية العمومية للمنظمة العربية للطيران المدني في الرباط المنجد يبحث مع فارغاس يوسا علاقات التعاون في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك السفير علي أحمد: «لجنة التحقيق المعنية بسورية» منفصلة عن الواقع.. ومزاعم الحرص على حقوق الإنسان لا يمكن أن تتسق مع استمرار الاستغلال الفاضح لقضايا نبيلة لتهديد مصائر شعوب بأكملها قانون إعلام جديد يلبي طموحات الإعلاميين في سورية... وزير الإعلام يعلن من اللاذقية أفقاً رحباً للشراكات البناءة السفير آلا: تعزيز الدعم الدولي لبرامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار في سورية لتأمين عودة النازحين الخامنئي يدعو إلى المشاركة الواسعة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية الصين تجدد مطالبة الولايات المتحدة بوقف نهب موارد سورية وإنهاء وجودها العسكري فيها «ناتو» والعناوين المستترة في قمته المقبلة.. ظل ترامب يُخيم.. غزة ولبنان يتقدمان.. وأوكرانيا حاضر غائب الصحة العالمية: تأثير سلبي يشمل فرص التعليم والعمل..العزلة الاجتماعية تزيد خطر الوفاة 32% "التجارة الداخلية" تشكّل  لجنة لإعادة دراسة تكاليف المواد والسلع الأساسية على أرض الواقع