إلى صقيع الغربة
موجع منظر حشود جلها من الشباب تقف طوابير في صالة الجلاء، منتظرة نتائج المسحات من فيروس( الكورونا)، ليتسنى لهم السفر خارج البلد ، ;كما أن هذا المشهد يعكس كمّ الشباب المهاجر، والمؤلم أكثر استمرار استنزاف الرأسمال البشري ، في ظروف اشتدت صعوبة, الأمر الذي يجبر الشباب على اتخاذ قرار السفر أو حتى الهجرة والعيش في صقيع الغربة ، فالأسباب التي تدفعهم عديدة ,أولها تراجع سوق العمل ، ومستقبل مجهول الأفق بتحسين الوضع الاقتصادي لأي كان في ظل الظروف الراهنة .
من المؤكد أن المسؤولية التي تتحملها الحكومة كبيرة ، نتيجة خططها المتعلقة بمتطلبات الحياة اليومية وتفاصيل المعيشة ، ناهيك عن الارتفاع الفلكي للأسعار ، وحتى لو كانت الإمكانات أكبر وأصعب من أن توفرها الحكومة لشباب في بلد ينزف دماً ، إلا أن النتيجة لهذه العوامل مجتمعة هي تدني سوية الإنتاج أو تراجع الأداء على المستوى العام وتفريغ البلد من شبابه وكفاءاته .
بالمقابل لا تزال بلادنا تغص بالكوادر والكفاءات ، بدليل أن هجرة ثلاثين ألفاً من الأطباء خلال سنوات الحرب تم تعويضهم بآلاف الخريجين الجدد، إلا أننا ما نحتاجه هو المصداقية في التعيينات الإدارية إذ لا حظنا إلغاء الكثير من المسابقات بسبب الفساد , وتدخل الوساطات. كما يجب على الجهات الحكومية تقديم المزيد من الإغراءات والتسهيلات لتثبيت شبابنا في البلد .
الأهم العمل على إعادة النظر بمصير الشركات والقطاعات الصناعية التي دمرتها الحرب، والتشجيع على الإنتاج وإعادة العجلة الاقتصادية للدوران ، لأنه -في حقيقة الأمر – ارتفاع ضريبة الحياة لدينا أدت إلى( تطفيش) هؤلاء الشباب فهل نعيد النظر بسياستنا أو نسمح باستمرار نزيف الرأسمال البشري إلى الغربة وبناء بلدان الآخرين وتطويرها ؟.