سوق الإقراض السوري يفتح أبواب المصارف على مصراعيها
يشير عاملون في قطاع المصارف إلى أن قرارات مجلس النقد والتسليف في مصرف سورية المركزي الذي تضمن السماح للمصارف العاملة -من دون التقيد بسقوف إقراض- منح التسهيلات الائتمانية على شكل قروض/تمويلات، لتمويل مشاريع صناعية، إضافة إلى المشاريع الخاصة بإنتاج الطاقة المتجددة، قد فتح الأبواب على مصراعيها لسوق الإقراض، ولاسيما أن المصارف تعاني من وجود إيداعات مالية كبيرة تشكل عبئاً عليها مقابل صفقات استثمارية قليلة.
ويرى الخبير الاقتصادي عاطف مرهج أن القرار المتضمن فتح سقوف الإقراض يسهم في الانتعاش الاقتصادي الحقيقي لآلاف المشاريع الصناعية الزراعية والمشاريع المشمولة ببرنامج دعم أسعار فائدة القروض، والمشروعات الصناعية التي تعتمد على مدخلات المواد الأولية المتوافرة محلياً، والصناعات الدوائية، وصناعة الأجهزة الطبية والأطراف الصناعية كذلك يشمل صناعة مستلزمات وتجهيزات (مكونات) الطاقة البديلة ومصابيح وأجهزة توفير الطاقة الكهربائية، وصناعة دباغة الجلود والمنتجات الجلدية، وصناعات المنسوجات والأقمشة والصناعات المنتمية لها، وصناعة الأسمدة، وصناعة الآلات والتجهيزات والمعدات وخطوط الإنتاج الصناعية، والعبوات الزجاجية، وصناعة إعادة التدوير.
وتمنى مرهج توسيع دائرة المشاريع المستفيدة لتشمل الورشات والمهن بما يحدث فرقاً حقيقياً بالاستفادة من مليارات الليرات السورية المجمدة في المصارف.
ولفت الخبير الاقتصادي مرهج إلى أهمية تخفيض الفائدة لهذه المشاريع لحثها على الاستثمار والاستفادة من هذه القروض لتحقيق الانتعاش الاقتصادي المطلوب ولاسيما أن المستفيدين هم أصحاب مشاريع سورية بكل تصنيفاتها، أضف إلى ذلك الحوافز التي قدمتها المصارف وما أعلنته عن التزاماتها في عملية منح التسهيلات الائتمانية للمشاريع، وأثنى مرهج على الضوابط التي تم وضعها لعدم ذهاب هذه القروض إلى مناحٍ غير استثمارية كقروض العقارات الوهمية، حيث طالبت المصارف المقترضين بعدة ضوابط، كتقديم جدوى اقتصادية للمشروع تثبت توافر تدفقات نقدية للمشروع قادرة على تغطية عبء الدين، وألا يتجاوز أجل التسهيلات فترة استرداد رأس المال.
وعن التسهيلات الائتمانية وأهميتها في هذا التوقيت بيّن مرهج أن التسهيلات الائتمانية تعدّ خدمة مصرفية على شكل قروض مالية لتمويل المشاريع والأعمال والشركات، تُمنح مقابل سداد الدين المالي والفوائد المترتبة عليه من المقترض خلال فترة زمنية محددة.
وتتنوع التسهيلات من حيث مدة سدادها، فهناك التسهيلات قصيرة الأجل تتراوح مدة سدادها بين شهر وعام، والتسهيلات المتوسطة الأجل (قروض سد الثغرة)، تغطي فترة زمنية معيّنة حتى يتمكّن المقترض من الحصول على الأموال الكافية لتسديد المبالغ التي اقترضها.
والتسهيلات طويلة الأجل تمتد مدة استحقاقها لسنوات طويلة.
وأضاف مرهج: حسب قرارات المصرف المركزي الجديدة تمت إضافة منح التسهيلات على مراحل ترتبط بمراحل تنفيذ المشروع، وتحديد نسب التمويل للمشاريع من خلال الربط مع القيمة المضافة التي يحققها منتج المشروع، بحيث لا تتجاوز نسبة التمويل 70% من التكلفة الإجمالية للمشروع.
كما تشمل منح التسهيلات التي أقرها المركزي لكل مشروع من مصرف واحد فقط (باستثناء المشاريع الكبرى التي يحتاج تمويلها إلى قرض مجمع من عدة مصارف)، وتم السماح بتخصيص جزء من مبلغ القرض/التمويل الممنوح وفق الضوابط، لتمويل 100% من قيمة المستوردات اللازمة للمشاريع (الآلات ومستلزمات الإنتاج)، على أن تستخدم تلك المستوردات بشكل كامل حصراً في المشروع المموّل، وعلى مسؤولية المصرف.
وأضاف مرهج: فيما يتعلق بتمويل احتياجات تلك المصارف من القطع الأجنبي اشترط المركزي أن يتم شراء القطع الأجنبي اللازم لعملية التمويل المحددة من شركات الصرافة العاملة حالياً، وفق سعر الصرف الوارد في نشرة المصارف والصرافة، مضافاً إليه العمولات الخاصة بالشحن والتحويل على ألّا تتجاوز كتلة التسهيلات الممنوحة، نسبة 50% من محفظة التسهيلات الائتمانية المنتجة لدى المصرف المانح بتاريخ صدور قرار المنح.
وعلمت “تشرين” أن وضع سوق الإقراض خلال العام 2021، كان يلخص بكونه يحمل سيولة فائضة لدى المصارف وعدداً قليلاً من الصفقات، والمراد بالقرارات الجديدة للمركزي استعادة سوق القروض نشاطها لإحداث إنعاش اقتصادي يعيد عجلة النمو.
وعن تكلفة التمويل، فتعد قرارات رفع سقف الإقراض في المصارف السورية فرصة للجهات المستثمرة من أجل الذهاب مع خيار القروض المصرفية المجمعة أو الثنائية في ظل التوقعات المستقبلية بارتفاع مؤشر الانتعاش الاقتصادي، وفتح أبواب التصدير وتراجع حدة الحصار، الأمر الذي يسهم في زيادة وتحسين عجلة النمو الاقتصادي لكون القروض مقوّمة بالعملات المحلية.