ارتفاع إيجارات المنازل والمحال التّجارية في طرطوس مستمر .. والمستأجر هو الضحيّة
الحرية – نورما الشّيباني :
شهدت محافظة طرطوس ارتفاعاً “ماراثونيّاً” في إيجارات المنازل، أثقل كاهل المواطنِ الواقع بين مطرقة الأوضاع الاقتصادية السيئة وسندان شح موارد الدخل، والمتحكم الوحيد في هذا الارتفاع الجنوني هو مالك العقار في ظل غياب الرقابة و الضوابط التي تنظم عملية الإيجار، وابتعاد معظم مالكي العقارات عن مفهوم عبارة (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
معاناة المستأجر تتفاقم و تتطلب حلّاً إسعافياً، يتجسد في تفعيل الرّقابة و إيجاد الضوابط من جهة، ومن جهة أخرى تفعيل الضّمير الجمعي الذي يضمن التكافل والتعاون بين جميع شرائح المجتمع.
صحيفة الحرية التقت عدداً من المستأجرين للوقوف على حقيقة معاناتهم مع عقود الإيجار.
مضطرون للدفع
هدى حسن ربة منزل وأم لثلاثة أولاد، وزوجها موظف،أوضحت أن عدم امتلاكهم منزلاً اضطرهم للاستئجار والوقوع بين براثن أصحاب العقارات.
إذ تبين أنها كانت تدفع ٧٠٠ ألف ليرة إيجار منزل سيئ التخديم والمواصفات في ضواحي المدينة، وكانت تتعاون مع الأسرة في تأمين المبلغ مع مساعدة بعض الأقارب، إضافة إلى عمل زوجها حتى المساء، لكن مالك البيت طلب مقابل تجديد عقد الإيجار زيادة ليصبح مليون ليرة، وتضيف: بحثنا كثيراً عن منزل إيجاره أقل، لكن عبثاً، فكّرنا بالسكن في قرية قريبة، فوجدنا الحال أصعب، إذ إن أقل إيجار منزل هو ٥٠٠ ألف، تضاف إليه أجور النّقل المرتفعة، وهنا المعادلة واحدة، ماذا نفعل ولم يتبقَ على نهاية عقد الإيجار سوى شهر، ونحن مضطرون لدفع ما يطلبه المالك حتى وإن كان على حساب لقمة طعامنا؟!
الدفع سلفاً لسنة
من جانبه، نفى المواطن محمود عيّاش كل ما يشاع عن انخفاض على إيجارات البيوت، وأكدّ أن أصحابها يرفعون قيمة الإيجار كل فترة دون رحمة، وكثيراً ما يطلبونه سلفاً لمدة قد تصل إلى سنة تحت عبارة “ما عجبك اخلي البيت”، وناشد عيّاش مالكي البيوت لتخفيف الإيجارات و الرأفة بحال الفقراء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كما طالب الجهات المعنية بالوقوف إلى جانب العائلات التي تحتاج إلى سكن وضبط وتنظيم عملية الإيجار لحمايتهم من طمع وابتزاز مالكي البيوت.
مالكو العقارات هم المسؤولون
و بيّن محمد شعبان صاحب مكتب عقاري أن المسؤول عن ارتفاع إيجارات العقارات هم مالكوها فقط، الذين يحددون قيمة الإيجار، وهذا يتفاوت من مالك إلى آخر، وقد بلغ إيجار منزل في مدينة طرطوس من دون “فرش” ما بين مليونين إلى خمسة ملايين ليرة، ومن خمسة إلى تسعة ملايين لـ”المفروش”، وفي ضواحي المدينة من مليون إلى ثلاثة ملايين من دون”فرش” و خمسة ملايين لـ”المفروش”.
ارتفاع مجحف
وأكد شعبان أن هذا الارتفاع مجحف بحق المواطنين، ولاسيما لأصحاب الدخل المحدود الذين لايملكون سكناً، وإنه للأسف لا توجد رقابة أو ضوابط تنظم حركة الإيجار وتنصف المستأجر المسكين.
أسباب عدة
وفي هذا الصدد، أوضح خبير العقارات غيث عمران أن ارتفاع إيجارات العقارات السكنية والتّجارية يعود إلى عدة أسباب، منها: في حالات كثيرة تعتبر عملية التأجير مصدر الرزق الوحيد للمؤجر في ظل غياب مصادر الدخل الأخرى وارتفاع الضرائب والرّسوم على النّشاطات التجارية، حيث اضطر كثير من النّاس إلى إيقاف نشاطهم التّجاري و تأجير عقاراتهم.
إضافة إلى الارتفاع الفلكي لأسعار العقارات وعدم قيام الدولة سابقاً بدعم النّاس لشراء عقار، وحتى إن أرادوا اللجوء إلى الاقتراض، فإن قيمة القرض لا تتجاوز نسبة ١٠٪ – ١٥٪ من ثمن شقة، وبالتّالي ابتعد النّاس عن الشراء ولجؤوا إلى الأجار، و هنا أصبحت الزيادة في الطلب.
لا تحكمها ضوابط
وتابع عمران: إن عملية الإيجار لا تحكمها ضوابط ولا قوانين تحدد قيمتها، والأمر كذلك في كل دول العالم، حيث لا يمكن وضع تسعيرة واحدة، لكون العقار المؤجر ملكية خاصة لا تتقيد، وإنما يتم إبرام العقد استناداً إلى اتفاق بين المؤجر والمستأجر وفق القاعدة القانونية” العقد شريعة المتعاقدين”.