غاباتنا تآكلت ولم يبقَ من الحيوانات والطيور إلا ما ندر.. والأسباب ليست خافية على أحد
تشرين – محمد فرحة:
ما جرى لغاباتنا ويجري منذ أسبوع تحديداً يشكل نكسة حقيقية واعتداءً سافراً على الطبيعة، فلم تُبقِ هذه الحرائق إلا ما ندر من الحيوانات التي غالباً ما تهاجر وتلوذ بالفرار من جحيم النار الذي يطول هذه الغابات.
وكما تفعل الحيوانات، تفعل الطيور أيضاً، سواء كانت مستوطنة أو مهاجرة وعابرة لسورية، وتبقى هجرة الطيور ومغادرتها وانقراضها أخف وطأة، إذ إن بعض الحيوانات قد تجدها بجوار المناطق السكنية، وهذا شيء مخيف في كثير من الأحيان.
واللافت للنظر أن جل هذه الحرائق يتزامن مع يوم البيئة الوطني، الذي يصادف في الأول من تشرين الثاني أي هذا اليوم، فكيف سيحتفل المعنيون بيوم البيئة الوطني وغاباتنا تتآكل بشكل متسارع؟ ولنا في الحرائق التي ضربت غابات ريف حمص واستمرت عدة أيام، وما إن تم إخمادها حتى “أشعلوها” في غابات اللاذقية، أسوة غير حسنة.
نقول أشعلوها، فمن المعروف أن الحريق يحتاج إلى عنصرين، الأول أداة الاشتعال والثاني المادة المشتعلة، ولاسيما أن الجو لطيف ودرجات الحرارة باعتدال، أي لا لهيب ولا الجو حار.
ما يؤكد أن هذه الحرائق لم تأت عبثاً، لكنها قد تكون غير مقصودة، فهذا ممكن، على سبيل المثال عندما يحاول البعض تنظيف أرضه من الأعشاب وبعض الشجيرات المتطفلة، فتخرج النار عن السيطرة وتمتد إلى الغابات عند وجودها.
مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير أوضح لـ”تشرين”: أن الحرائق التي لحقت بغاباتنا في محافظات حماة وحمص وطرطوس واللاذقية تشكل أكبر ضربة للحراج طوراً وللطبيعة طوراً آخر.
مشيراً إلى خسارة عشرات الآلاف من الهكتارات المليئة بالأشجار، زد على ذلك الجهود الكبيرة التي كلفت الدولة لإخمادها، وكم من السنين نحتاج إلى ترميمها وإعادتها. فأقل ما يقال عن كل ذلك أو ما يمكن وصفه بالمصيبة والكارثة.
وفي معرض جوابه على سؤال “تشرين” : هل تتصور أن تكون من فعل فاعل نظراً لحدتها وتقارب مواعيدها ونشوب بعضها في مواقع متزامناً مع إخماد حريق هنا لنشوب حريق هناك؟
فأجاب: قد يكون ذلك، وقد يكون من غير قصد، فما جرى خلال الأسبوع الفائت لغابات محافظة حمص واللاذقية هو وصمة في جبين من أراد لغاباتنا هذا الذي يلحق بها.
وتطرق باكير إلى أن جل الكائنات الحيوانية، وكذلك الطيور عادة ما تهجر هذه المواقع نظراً لغياب المكان الذي تلجأ إليه هرباً من بنادق الصيادين، وهي التي تبحث عن الأماكن الأكثر أمناً. منوهاً بأنه في حال وجود حيوانات مفترسة قد تصبح أكثر عدوانية وتهاجم المنازل، وهذا مخيف لساكني تلك المنازل حقيقة.
فما يجري لغابات اللاذقية في موقع البدروسية كارثة حقيقية تطرح ألف سؤال وسؤال، كيف ولماذا؟ وما هي الدوافع؟ وهي التي تعطي تلك المواقع جمالها، وحيويتها الأخاذة.
بالمختصر المفيد: كم نحتاج إلى تعميم وتعميق الثقافة البيئية، كأن تكون في منهاجنا التعليمية. وهذا ما أقدمت عليه وزارة البيئة في جمهورية مصر العربية قبل سنوات حين وضعت أول إستراتيجية لدمج المفاهيم البيئية في المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة، وذلك ضمن خطة وزارة التربية والتعليم، وذلك من أجل تطوير المناهج الدراسية وأثرها بالثقافة البيئية بهدف تعديل السلوك البيئي للطلاب،
مع استهداف أولياء أمورهم أيضاً، كل ذلك من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية من الغابات.
إذاً غاباتنا تحتضر وبسرعة، ففتشوا عن الأسباب والحلول والتي هي مفتاح إيقاف هذه الحرائق.