عن (الأنا) في سردها

هل حقاً ثمة ذات خالصة تعني المرء ذاته، لا دخلاء فيها؟؟! هناك من يُجيب على هذا التساؤل؛ إنّ الذات الصافية التي هي أنا المرء؛ تلك التي تتشكل خلال السنين الأولى من عمره، على أن لا تتعدى الخمس سنوات الأولى، لأنه بعد ذلك، تصير هذه (الأنا) من صنع الآخرين.
ومناسبة هذا التمهيد؛ تلك الغواية التي تُشكلها الإصدارات والأفلام السينمائية وغيرها من أنواع الإبداع التي تصدر تحت عنوان “السيرة الذاتية” التي كانت ميزة نجاح الكثير من الأعمال الإبداعية خلال النصف الثاني من القرن العشرين وإلى اليوم.. حتى صارت كتب الرؤساء السابقين، وبعض الوزراء، وشخصيات اقتصادية وطبية وسكرتيرات أشبه بالتوثيق لزمنٍ مضى مُفعم بالأسرار المُباحة اليوم.
رغم أن النتاج الإبداعي بشكلٍ عام؛ يُعتبر حالة إفرادية، بمعنى قوامها الذات، وهذه حسب رؤية “سيجموند فرويد” فإن الإبداع يشبه إلى حدٍّ كبير أحلام اليقظة، ومن ثمّ يُمكن دراسته على اعتبار أنه حقل مهم لتفسير الأنا/ الذات، وتجلياتها في النصوص والأفكار واللوحات التشكيلية وحتى الموسيقا.. ومن هنا كانت الدعوات لاكتشاف الذات وكتابتها باعتبارها تُشكل إبداعاً رفيعاً، رغم كل هذه الصعوبة في تحديد أين تبدأ مساحة الذات، وأين تبدأ ذوات الآخرين، وربما من هنا كانت المتعة التي تُقدمها مثل هذه الكتابة رغم إغراقها في الذاتية.
ثمة تعالق بين النص وكاتبه، وهذه حقيقة مهما حاول الكاتب أن يزعم أن ثمة مسافة بينه وبين نصه، حتى عندما يكتب (المؤلف) عن الآخرين لابد أن يضع شيئاً من ذاته في تلك النصوص التي يكتبها عنهم، ومع ذلك فإن هذه (الكتابة الذاتية) تتشابك مع ذوات الآخرين في أكثر من منعطف، لتصير الأنا الجمعية هي الأخرى ظاهرة في العمل الإبداعي الحقيقي، ذلك النص الذي لا مفر لقارئه أن يجد فيه شيئاً منه، ومن هنا كانت تلك المحاولات لبعض النقاد، وحتى بعض القراء، أو المتلقي لأي نص إبداعي، ومن ذلك اللوحة التشكيلية، والفيلم السينمائي في (القبض) على المبدع متلبساً وإسقاط وقائع النص على وقائع حياة الكاتب.
لكن السؤال: هل كل “أنا” قابلة لأن تكون “سيرة ذاتية” تهم الآخرين، ويُمكن أن تُقدّم إبداعاً عظيماً ؟!
هامش:
أينما توجهتَ؛
ستجدُ يوسفَ،
ولهُ “أخوةٌ”،
وثمة
ذئبٌ بريءٌ
من دمه..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار