تداعيات الواقع الثقافي وحماية الهوية والانتماء الأدب والشعر نموذجاً

تشرين- محمد خالد الخضر:

بعد أن مرت عصور لا غالب لها على الثقافة العربية، وتنوعت الأجناس بألق كبير فكان الشعر، وكان النثر وكانت الخطابة وكانت الحكاية والنقد وغيرها .. أصبحت الثقافة حينها دعماً للمروءة والنخوة وقوة شخصية الرجال والنساء.. وجميع من يقرأ يعرف تماماً مدى أهمية شخصية عنترة وميزاتها والخنساء واختلافها عن نساء التاريخ، وعلى صعيد النثر والخطابة تميز ومازال قس بن ساعدة والأحنف بن قيس، وبعدها لا ينكر تميز الجاحظ بالأدب والقصة والقصة القصيرة جداً وغير ذلك ولا ينكر وجود النقد الأدبي مع النابغة الذبياني في سوق عكاظ.
ولبعض هذه الأسباب واستمرار قوة المنظومة الثقافية وأثرها على انهيار كثير من المؤامرات التي استهدفت المجتمعات العربية من قبل كثيرين من الغرب واستمرار أثر هذه المنظومة إلى بداية العصر الحديث، بدأت محاولات من الغربيين والصهاينة بطرق مختلفة لتغيير مكونات الثقافة العربية واستبدالها بما هو غير مفهوم أو بما هو مفهوم وضعيف. وبذلك يتراجع الأثر النفسي ويتراجع الحضور العربي عن ثقافته وتتفكك الشخصية ويصبح الفرد سهل الانقياد وبسيط التعامل.
وإذا دخلنا قليلاً في مجال الشعر، فهو العاطفة التي تختلج في النفس البشرية من مشاعر الفرح والحزن والغضب والمودة والخجل و الحب والأنس والكثير من العواطف الإنسانية.
ومقوماته الفكرة والخيال والأسلوب وتنسيق الكتابة وحركة العاطفة ونظمها، فمن لا يتأثر بقول عنترة العبسي:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
وكيف لا يكرهه العدو وهو القائل:
دعوني أوفي السيف بالحرب حقه
وأشرب من كأس المنية صافيا
فمن قال: إني سيد وابن سيد
فسيفي وهذا الرمح عمي وخاليا
ومن لا يعرف أن أمريكا حاولت استقطاب كثير من الموهوبين ففشلت بنزار واستقطبت بعضهم سواه، وقال أحدهم في مؤتمر حضره بدون تكليف دولته ( اسرائيل تنتمي جغرافياً إلى منطقة معينة ).
ومن لا يعرف أن الكيان الصهيوني اغتال الشاعر كمال ناصر والأديب غسان كنفاني نظرا لتأثيرهما الكبير على عواطف القاعدة الشعبية الفلسطينية والعربية. وليعلم المثقفون أن هناك من المطبعين ومن هم الآن في صدارة الثقافة العربية تآمروا على قتل الفنان ناجي العلي وهددوه ونفذوا نظراً لأثره الكبير في توثيق ما يقوم به الكيان الصهيوني من جرائم.
وبعد ذلك استطاع هؤلاء المتآمرون أن يعملوا على تفكيك الشعر وهناك من حافظ على أصالته وانتمائه وظل مؤمناً ببت نزار قباني الذي يقول:
أحس بشيء فأكتب شيئا
بعفوية دون أن أقصدا
فيعكس الهموم والقضايا ويحرض على الصمود وهذا ما حدث وسبب مقتل واستشهاد الشعراء والأدباء والفنانين التشكيلين.
ونرى الآن كيف وصل إلى المنابر على مستوى الوطن العربي متسلقون بوسائل مختلفة وسيطروا على النظم الثقافية أو هناك من ذهبوا إلى أمريكا ودول أخرى وكتبوا بما يحير المتلقي ويذهب به إلى البحث عن مقاصد الكاتب التي لامعنى لها، وكذلك دخل الغموض غير المفهوم إلى الأدب والقصة والرواية والفن التشكيلي وهذا ما يرغب به العدو.
وثمة ما هو أكثر خطورة أن يعطى المجال إلى منظمات خلبية لاترخيص لها ولامعنى فتروج حسب المصالح الضارة إلى أشخاص ويروج بعض الإعلامين لما يحصل بزيف وبهتان، وأذكر على سبيل المثال منذ سنوات حضرت بمجال عملي في مركز ثقافي، وقدمت مؤسسة غير مرخصة امرأة وقالت: إنها شاعرة المؤسسة وعندما بدأت بالحديث عرضت عدداً من كتبها ثم قالت أما الآن أقرأ لكم آخر ما كتبت وقالت:
( أنا لا قوم بعل خسيس … ولا أخاف من يوم الخميس ) هذا نوع مما يسميه بعضهم شعراً يروج له بالمعاني المختلفة والمؤسف يذكر أسماء أصحابه على أنهم شعراء، وعلينا أن نبقى أمام هويتنا وانتمائنا ونقف عند بيت الشاعر محمد مهدي الجواهري:
صبراً دمشق على البلوى فكم صهرت
سبائك الذهب الغالي فما احترقا
وعلينا أن لا نعتمد فقط على ترويج منوع وخاصة بالوسائل الإلكترونية فالمتابعة وحماية ما نمتلك قمة الانتماء وحماية الهوية، ولابد من تطوير ما لا يهشم شخصيتنا الثقافية ويؤثر على هويتنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار