ظاهرة سوتسوكون اليابانية.. التخرج من الزواج 

تشرين- حنان علي:

“في حين يستمر البعض في زيجات مرضيّة طوال الحياة، فإن معظمنا يعلم أن التوقعات قد لا تخدم مصالحهم في مرحلة ما، حيث لا سبيل إلا عبر “التخرج” إلى مرحلة جديدة معا، أو إنهاء العلاقة”.

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تساءلت الكاتبة اليابانية يوميكو سوجياما كيف سيكون شكل الزواج في اليابان إذا ما تمكن الأزواج من نيل الحرية المرجوة دون الحصول على الطلاق . بحيث يتحرر الأزواج الأكبر سنًا من أغلال الزواج التقليدي ليخلقوا حياة فردية ومنفصلة في آن معاً. وما لبثت أن توّجت جهودها عبر كتابها حول مفهوم سوتسوكون – سوتسوكون نو سوسوم – الموصي بالتخرج من الزواج .

سوتسوكون؛ مزيج من كلمتين يابانيتين يتم استخدامها لوصف زوجين يعيشان حياتهما الخاصة بشكل مستقل عن بعضهما البعض.

” تقتضي التقاليد اليابانية أن يقوم الرجل بدور رب الأسرة، فيما تعيش الزوجة تحت كنفه” هذا ما عبرت عنه سوجياما في مقابلة مع شبكة سي إن إن مردفة بالقول:” بيد أن الأمر ينتهي بمعظم النساء اليابانيات إلى لعب دور الأم أو مدبرة المنزل، فيما يكرس أزواجهن أنفسهم للعمل وبالتالي، تخشى الكثير من الزوجات من يوم تقاعد أزواجهن من العمل والحاجة إلى خدماتهن طوال اليوم وكل يوم”.

أسباب نسائية

انعكس هذا الخوف في أولى الدراسات الاستقصائية للمصلحة العامة عن هذه الظاهرة، والتي أجرتها وكالة الهندسة المعمارية إنترستيشن، عبر سؤال 200 امرأة يابانية متزوجة تتراوح أعمارهن بين الثلاثينيات وأواخر الستينيات عما إذا كن مهتمات بالتحول إلى سوتسوكون في نهاية المطاف، لتؤكد 56.8% منهنّ الفكرة.. وعندما سُئلت هؤلاء النساء عن الوقت الذي يرغبن فيه بإجراء هذا التغيير، كانت الإجابة بين 60 و65 عامًا – ما يتماشى تمامًا مع الموعد المقرر لتقاعد أزواجهن.

“الآن بعد أن أصبح أطفالنا بالغين، أريد القيام بالأشياء التي فاتتني، او أحجمت عن القيام بها.”.. الأسباب التي ذكرها المشاركون في الاستطلاع لرغبتهم في السوتسوكون تعكس عادة رغبتهم في الاستمتاع بحياة لم تعد خاضعة لاحتياجات أزواجهن أو أبنائهنّ. وتضمنت بعض الردود:

“أريد تحقيق بعض أحلامي، طالما تسعفني الصحة الجيدة.”.. “أريد وقتًا لنفسي دون تقديم شرح لأحد.”.. “أريد التحرر من الأعباء المنزلية.”.. ” أحب زوجي، ولكننا نأخذ بعضنا البعض كأمر مسلم به. لعل العيش منفصلين يجعلنا نقدر ونحب بعضنا البعض أكثر”.

الأنماط المختلفة للسوتسكون

أحد الجوانب الرئيسية لـ (sotsukon) هو مرونته، إذ يمكن لبعض الأزواج العيش في نفس المنزل، أو يختار آخرون العيش في منازل منفصلة ليجتمعوا بانتظام للدردشة أو للمساعدة في شؤون مختلفة. وبعكس الطلاق، يمسي السوتسوكون وسيلة أسهل لخلق مساحة في الزواج.

عيوب السوتسوكون

لكي ينجح السوتسوكون، يحتاج الأزواج إلى أن يكونوا منفتحين وصادقين بشأن ما يريدونه من العلاقة. كما تعتبر الشؤون المالية مجالًا يجب تحديده مسبقا، من حيث تمويل الاحتياجات اليومية أو دفع المستحقات.

وفي حين يضمن الطلاق حقوقًا مالية معينة لكل طرف، فإن علاقات سوتسوكون تجعل هذه القرارات غير مؤكدة، ما يتطلب من الأزواج مناقشة القضايا مسبقاً مع محام أو مستشار مالي لتجنب أي صراع لاحقا. علاوة على ذلك، فإن المساحة تلك قد تؤدي إلى علاقات رومانسية جديدة، فهل يعتبر ذلك خيانة زوجية؟!

إعادة تعريف الحياة الزوجية

للوهلة الأولى، تبدو حالات سوتسوكون مشابهة للمفهوم الياباني الأقدم بكثير كاتيناي بيكيو، وهو ما يعني العيش منفصلين داخل الأسرة. والذي ينطبق أكثر على المتزوجين الذين يكرهون بعضهم البعض، ولكنهم يبقون معًا لأسباب معينة.. في حين أن هذه المواقف تفوح منها رائحة المشاعر السيئة، فإن سوتسوكون فكرة تمنح الأزواج مساحة كافية ليعيشوا الحياة التي يريدونها دون ندم أو تنازلات. لكن معظم أبناء الشعب الياباني جادون للغاية في أداء أدوارهم الاجتماعية، والحفاظ على التماسك الاجتماعي حيث لايزال الضغط الداخلي لأداء تلك الأدوار بالطريقة “الصحيحة” قوي جداً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار