ارتفاع أجور صيانة المركبات يجعلها عبئاً على مالكيها.. والغش التجاري يزيد معاناة “من تورطوا”..
دمشق- منال صافي:
صدمة كبيرة تلقاها “مضر” عندما ردد صاحب الورشة على مسامعه أن كلفة طلاء سيارته يحتاج /٥/ ملايين ليرة يقول في حديثه لـ”تشرين”: كيف لهذا الرقم الذي كان يشتري قبل الأزمة سيارة بمواصفات حديثة وكاملة، سأدفعه اليوم تكاليف طلاء فقط؟! لقد أصبحت السيارة عبئاً على صاحبها، وكأن ارتفاع سعر البينزين المستمر لا يكفى، لتأتي فواتير إصلاح وصيانة تقصم الظهر “.
يبدو أن مضر ليس الوحيد المصعوق بالأسعار الخيالية والمتصاعدة لأجور صيانة المركبات، فهناك كثيرون لم تعد قدراتهم المادية تحتمل التكاليف الباهظة لأجور الصيانة وقطع التبديل فقرروا ركن سياراتهم أو عرضها للبيع.
في ورشة الصيانة
الميكانيكي طوني جدية، يفند أسباب الارتفاع المتصاعد لأجور صيانة وإصلاح المركبات التي من أبرزها، ارتفاع أسعار قطع الغيار وارتباطها بسعر الصرف، وتواجد المناطق الصناعية على أطراف المدينة ما يولد أعباء إضافية لجهة الذهاب والإياب، كما أن الضرائب المرتفعة التي يتكبدها أصحاب الورشات، وتشغيل المولدات لساعات طويلة بسبب ساعات التقنين الطويلة، كل هذه الأسباب تساهم بارتفاع أجور التصليح والصيانة.
ميكانيكي يعترف بدخول قطع التبديل تهريباً بسبب عدم توافرها في السوق المحلية وارتفاع جمركتها
وأضاف طوني جدية: بسبب عدم توافر قطع السيارات وجماركها المرتفعة، يتم اللجوء إلى التهريب عن طريق لبنان والسعودية ودبي، وخاصة للسيارات الألمانية واليابانية القديمة، منوهاً أنه لا توجد أي حماية لحقوق أصحاب الورشات، وفي بعض الأحيان أصحاب المركبات لا يقومون بدفع ما يترتب عليهم من مستحقات بعد الانتهاء من أعمال الصيانة، وفي هذه الحالة لايلجأ صاحب الورشة للقضاء لأن تكاليف التقاضي ورفع الدعاوى عادة تكون أكبر من القيمة المستحقة للدفع من الخصم.
وأشار إلى أن المرابح الكبرى في تجارة قطع السيارات يحصدها المهرب وبائع القطع، بينما ربح الميكانيكي الذي يقوم بتركيب القطع لا يتجاوز نسبة ١٥%، وهو ربح بسيط قياساً لتكاليف وضرائب وأجور عمال الورشة، وبخصوص أسعار زيوت السيارات أوضح أن سعرها يتراوح حسب جودتها فهناك زيوت سعرها ٧٠ ألف ليرة وزيوت سعرها ٨٠٠ ألف ليرة.
تجديد السيارات وفق ضوابط
من جهته أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة، أكد وجود مراسلات بين الجمعية واتحاد الحرفيين تتعلق بالارتفاع غير المسبوق لأجور إصلاح وصيانة السيارات، إضافة لمشكلة الإصلاح غير الدقيق للآليات والمطالبة بتحديد أجور المهنة وتسعيرة محددة يتم الالتزام بها كمؤشر يمكن الاعتماد عليه على حسب العطل لكن حتى الآن لم يردنا جواب من الاتحاد.
وأشار حبزة إلى أن السيارات القديمة والمتهالكة هي الأكثر خضوعاً لعمليات الصيانة المستمرة، بسبب عمرها الزمني حيث يتكبد أصحابها أعباء مالية كبيرة وأن الجمعية طالبت من خلال كتب لرئاسة مجلس الوزراء والمعنيين في الحكومة بتجديد أسطول السيارات واستبدالها بسيارات حديثة، خصوصاً السيارات الحكومية وباصات النقل الداخلي والسرافيس، لأن تكاليف صيانتها مرتفعة، لذلك فإن تحديث الأسطول وفق ضوابط وشروط محددة، لا يضر الاقتصاد الوطني، بل أصبح حاجة ملحة لأنه يوفر على خزينة الدولة قطعاً أجنبياً، فقطع غيار السيارات مستوردة، كما أن وجود آليات حديثة في الشوارع يعكس المظهر الحضاري في البلاد ويعزز عوامل الأمان والسلامة ويخفف من التلوث البيئي الناتج عن عوادم السيارات، ووجود السيارات الحديثة يقلل الأعطال ما يضع حداً للمهاترات التي تحدث بين أصحاب الآليات وورشات التصليح بسبب الغبن بالسعر الذي يتعرض له صاحب الآلية.
حبزة: اكتشفنا وجود قطع تبديل يكتب عليها صناعة ألمانية أو كورية لكنها هندية أو صينية أو تايوانية! والأخطر غش زيت التبديل بسبب تكريره وإعادة استخدامه
ولفت حبزه إلى أنه خلال الجولات في الأسواق اكتشفنا، وجود قطع مزورة يكتب عليها صناعة ألمانية أو كورية، لكنها في واقع الحال تكون هندية أو صينية أو تايوانية، مطالباً الجهات الرقابية بضبط هذه الحالات، مبيناً أن الورشات تتقاضى أسعاراً غير منطقية لأجور دهان وتجليس السيارات، وكذلك الأمر بالنسبة للإطارات المغشوشة حيث يتم تركيب إطارات مخزنة منذ زمن، وهي قابلة للتشقق والأعطال “طبخات قديمة” تباع على أنها جديدة.
وأضاف: إن غيار الزيت كان قبل الأزمة بين ٦٠٠- ٢٠٠٠ ليرة أما اليوم فتضاعف سعره عشرات المرات، والأخطر أن الزيوت مكررة، إذ يتم جمع زيوت تبديل السيارات ويضيفون لها بعض المبيضات لتحسين لونها، ويتم إعادتها للمحلات، ويتم وضعها ببراميل “ساد كوب” على أنها نظامية، وتكون لزوجتها منخفضة وفاقدة الفعالية ما يزيد أعطال المحركات لذلك نجد أن أعطال المحركات كثيرة، ودوماً تخضع للإصلاح.
واقترح حبزة تشكيل لجان فنية خبيرة من وزارة “التموين” ومندوب المهنة، هدفها التحقق في الشكاوى ودقة عمليات الإصلاح والأجور المطلوبة، موضحاً أن جمعية حماية المستهلك تستقبل الشكاوى المتعلقة بهذا المجال، وتدخلت مرات عديدة، وأعادت الحقوق لأصحابها بطريقة ودية أما في الحالات التي لم يتم التوصل فيها إلى حل، فتعرض المشكلة على الجهات الوصائية والجمعية دوماً تقف إلى جانب المواطن.