هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين تكثّف حملاتها على عمليات الإدراج الاحتيالية والاحتيال المحاسبي واختلاس الأموال
تشرين- رصد:
قالت هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين، إنها ستكثّف حملاتها على عمليات الإدراج الاحتيالية، والاحتيال المحاسبي، واختلاس الأموال من كبار المساهمين.
وفي أول مؤتمر صحفي للهيئة منذ تعيين رئيس جديد، قالت الهيئة أيضاً إنها ستضرب التداول الداخلي والتلاعب بالسوق بشكل أكثر دقة وفاعلية، ما يؤدي إلى إزالة «النقاط التنظيمية العمياء».
وفي سياق منفصل، قالت 4 مصادر لـ«وكالات»: إن عدداً من الدائنين الخارجيين لشركة «تشاينا ساوث سيتي» العقارية الصينية من المقرر أن يرفعوا دعوى قضائية ضد أكبر مساهم مملوك للدولة في شركة التطوير المثقلة بالديون للحصول على مستحقات، في أول قضية من نوعها في القطاع العقاري الذي يعاني من الأزمة.
وقال مصدران من حملة السندات: إن شركة «تشاينا ساوث سيتي» تخلفت في وقت سابق من هذا الشهر عن سداد أصل 11.25 مليون دولار على سندات دولارية مستحقة في 9 شباط الجاري، ويعدّها الدائنون متخلفةً عن سداد ديون خارجية بقيمة 1.3 مليار دولار.
وتستعد مجموعة الدائنين، التي شكّلت ما يسمى «المجموعة المخصصة»، لرفع دعوى قضائية في محكمة هونغ كونغ ضد شركة «شينزين كونستراكشن آند ديفيلومبمنت كو» المملوكة للدولة، والتي تملك 29 في المئة من «تشاينا ساوث سيتي»، حسب المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لحساسية الأمر.
وإذا تم رفع الدعوى، فستكون سابقة أولى ضد مطور مدعوم من الدولة في قطاع العقارات لاسترداد المدفوعات المستحقة للدائنين، منذ بداية الأزمة في عام 2021.
وستُضاف الدعوى القضائية إلى عدد قليل من القضايا المرفوعة في محكمة هونغ كونغ ضد المطورين الصينيين من الدائنين الخارجيين، وجميعهم تقريباً يسعون إلى تصفيتهم بعد فشلهم في الوفاء بالتزامات السداد.
ويتأرجح قطاع العقارات، وهو ركيزة أساسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم، بين أزمة وأخرى منذ عام 2021 بعد أن أدت حملة تنظيمية، على طفرة البناء التي تغذيها الديون، إلى حدوث ضغط غير مسبوق في السيولة.
وكانت شركة «تشاينا ساوث سيتي»، ومقرها شينزين، وهي شركة مطورة للمراكز اللوجستية والتجارية المتكاملة، واحدة من الشركات العقارية الأولى التي تلقت دعماً حكومياً عندما واجهت ضغوطاً مالية في عام 2022.
وفي ذلك الوقت، اشترت منطقة شينزين الاقتصادية الخاصة، التي تسيطر عليها هيئة تنظيم الأصول التابعة للدولة، حصة قدرها 29 في المئة في الشركة المطورة، وقدمت شروط الحفاظ على الشرائح الخمس من سنداتها الدولارية.
كما قال أحد المصادر: إن الدائنين الخارجيين لـ«تشاينا ساوث سيتي» يدرسون أيضاً رفع دعوى قضائية في هونغ كونغ سعياً لتصفيتها. وقال لانس جيانغ، الشريك في شركة المحاماة «أشورست»، التي تمثل بعض حاملي سندات المطورين: «الدائنون سيسعدهم إجراء محادثات مع «تشاينا ساوث سيتي» من أجل إعادة الهيكلة بالتراضي، لكنهم سيقدّرون مساهمة الشركة المملوكة للدولة في هذه العملية أيضاً».
خفض اليوان
في غضون ذلك، تشير البيانات الاقتصادية الصادرة أخيراً إلى أن الصين تتجه نحو معضلة اقتصادية صعبة، مع تراجع أسعار المستهلك خلال 5 أشهر من الأشهر الـ7 الأخيرة، في حين تراجع معدل التضخم السنوي خلال كانون الثاني الماضي إلى سالب 0.8 في المئة. ويعني هذا ازدياد خطر أن يؤدي الكساد وضعف النشاط الاقتصادي إلى أن يفاقم كل منهما الآخر، وإيجاد ما يسمى «حلقة الهلاك»، حيث تتراجع الأسعار بسبب ضعف الطلب، في حين يظل الطلب ضعيفاً لأن المستهلكين الصينيين ينتظرون تراجعاً جديداً في الأسعار.
وفي تحليل اقتصادي نشره موقع معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، قال المحلل الاقتصادي ديفيد لوبين: إن كل ذلك يجب أن تكون له تأثيرات في سياسة سعر الصرف الصيني، حيث يمكن أن يؤدي انخفاض سعر اليوان الصيني أمام الدولار إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة بدرجة كافية لاقتلاع جذور سيكولوجيا الكساد لدى المستهلكين في الصين قبل تثبيت جذورها في تربة الاقتصاد الصيني.
وحاول صندوق النقد الدولي، بدوره، دفع الصين نحو إضعاف عملتها المحلية.. ففي تقريره الصادر في وقت سابق من الشهر الجاري عن الاقتصاد الصيني، قال الصندوق: إن «زيادة مرونة سعر الصرف ستساعد على مواجهة ضغوط الكساد الاقتصادي».
ويقول لوبين: إن فرص خفض قيمة اليوان الصيني ضعيفة للغاية، فالصين تبدو عالقة فيما يمكن تسميته «فخ اليوان»، حيث عملتها ستظل أقوى مما يحتاجه الاقتصاد الصيني، وسوف يحوم خطر «حلقة الهلاك» فوق الصين في المستقبل القريب.
لذلك يصبح السؤال الأهم، حسب لوبين، هو: كيف يمكن خفض قيمة اليوان الصيني؟ وقد تراجعت العملة الصينية بالفعل في الماضي القريب، فمنذ عامين كان سعر الدولار 6.3 يوان فقط، لكنه الآن قريب من 7.2 يوان، لكن هذا الانخفاض ليس كافياً لزيادة الأسعار المحلية، لأن التراجع أمام الدولار عوضه ارتفاع اليوان أمام العملات الأخرى، وبموازين التجارة فإن اليوان تراجع، لكن ليس بالقدر المطلوب.
وفي الوقت نفسه، فإن هندسة تخفيض قيمة اليوان ستكون سهلة بدرجة كافية، فالمحدد الأهم لسعر صرف اليوان أمام الدولار هذه الأيام هو الفارق بين سعرَي الفائدتين الأميركية والصينية. وكلما ازداد الفارق تراجع اليوان لأن السوق يفضّل الاحتفاظ بالدولار ذي العائد الأعلى على اليوان الأقل عائداً. لذلك فكل ما يحتاجه بنك الشعب (المركزي) الصيني هو خفض أسعار الفائدة ليتراجع اليوان أكثر، حسب لوبين.