قاضية في حلب تنتقد “تنظيم الأسواق”.. ومدير التجارة الداخلية يدفع بأرقامه.. جدل حول القانون رقم 8 والرقابة والأسعار

تشرين- رحاب الإبراهيم:
لا يتوقف مؤشر الغلاء عن الصعود يومياً بسبب أو بدون، وسط انفلات واضح في ضبط الأسواق يدفع ضريبته المواطن من جيبته وصحته، وخاصة بعد جنوح بعض التجار إلى تسعير كيفي كل ما “دق الكوس” بالجرة بحجة التكاليف وتذبذب سعر الصرف، عدا عن المخالفات الجسيمة المتعلقة بالمتاجرة بالمواد المدعومة وانتشار المواد المنتهية الصلاحية، التي يعاقب عليها قانون حماية المستهلك الجديد بعقوبات مشددة، لكن رغم ذلك تتمدد هذه التجاوزات وتنتشر بلا حسيب ولا رقيب، فهل العلة في القانون، الذي عدل أساساً لضبط الأسواق الفوضوية ووصف رغم بعض الانتقادات أنه من أفضل القوانين أم السبب في أداء الرقابة التموينية، التي تتعرض إلى انتقادات كثيرة تصل إلى اتهام بعض المراقبين على قلتهم بالتقصير والتخلي عن مسؤولياتهم في ضبط الأسواق وحماية المستهلك والجنوح نحو مصالح شخصية.

القاضية حسين لـ”تشرين”: القانون مهم ومشغول عليه بدقة لكنه لا يطبق على أرض الواقع فعلياً

تقصير الرقابة التموينية عن ضبط الأسواق وعدم القدرة على وقف الشطحات السعرية الكبيرة، التي جعلت المواطنين يتحدثون مع أنفسهم في الشارع من شدة وطأة الغلاء، أكدته القاضية رشيدة حسين “بداية الجزاء الأولى” المعنية بالقضايا التموينية في القصر العدلي بحلب، حيث بينت لـ”تشرين” انخفاض وارد “عدد” الضبوط التموينية حتى الثلث مقارنة مع الأعوام الثلاثة الفائتة، فوارد هذه الضبوط كان يبلغ 200 ضبط شهرياً لكن اليوم تستكمل القضايا التموينية بقضايا عادية، مرجعة السبب إلى موظفي التموين الذين لا يقومون بواجبهم في تنظيم الضبوط التموينية بحق المخالفين، فكما هو معروف أن ضبط الأسواق يتوقف على نشاط الجهات الرقابية ومنهم المراقبون التموينيون، الذين انخفض نشاطهم كثيراً خلال السنوات الماضية، وتحديداً بعد إلغاء العمل بالقانون رقم 14 الذي تتضمن مواده غرامات مادية وعقوبات خفيفة مقارنة بالقانون رقم 8 بعقوباته المشددة ومنها السجن، ما أدى أيضاً إلى انخفاض عدد الضبوط التموينية في حلب، فلم يعد موظفو التموين ينظمون ضبوطاً بعد إصدار هذا القانون، الذي يعد من أفضل القوانين وهو ممتاز فعلياً لكنه مناسب لوضع مثالي وليس للظروف الصعبة التي نعيشها حالياً، وهذا أمر يجب أخذه بالحسبان، فكيف مثلاً يمكن محاسبة صاحب محل على عدم وضعه واجهة مبردة بينما لا يتواجد كهرباء ويدفع مبالغ مالية كبيرة للأمبير؟، وهنا يحصل الخلل.
أسباب مخففة
وأشارت القاضية حسين إلى أن المشرع شدد العقوبات في قانون التموين الجديد بسبب الفوضى الكبيرة في الأسواق بغية ضبطها وتنظيم السوق، لكنه بالمقابل لم يحجب الأسباب المخففة، حيث يمكن استبدال عقوبة السجن بالغرامة، وإن كان تطبيق العقوبات المشددة ضروري لردع التجار وخاصة الكبار وتحديداً فيما يخص سرقة المواد المدعومة، فمثلاً لو فرضت غرامات مالية سيتم دفعها فوراً لأن المخالف يقدر على تعويض خسارته بيوم واحد فقط، فهنا العقوبة المالية لا طائل منها، والأفضل فرض عقوبة مشددة كالسجن لقمع هذه المخالفات، مشيرة إلى أنه من أصعب الأمور إصدار قانون مهم مشغول عليه بدقة لكن لا يطبق على أرض الواقع فعلياً.

مدير التجارة الداخلية في حلب: نظمنا ١٦٨٢ ضبطاً بحق تجار جملة ومنتجين ومستوردين خلال العامين الفائتين

العمال في الواجهة
ولفتت القاضية رشيدة حسين أنه بسبب القانون الجديد ومجموعة عوامل أخرى أصبحت الضبوط التموينية تقتصر على الأفران وبعض “السمانة” تجار المفرق، في حين لم ينظم أي ضبط بحق مستورد كبير منذ ثلاث سنوات، مشيرة إلى أغلب الضبوط تنظم بحق العمال الذين يشتغلون في المحال التجارية، مشيرة إلى أنه في مثل هذه الحالات يرفض القاضي محاسبة العامل ويتم ملاحقة صاحب المحل، لكن المشكلة حينما يوقع العامل على تصريح خطي بأنه المخالف، حينها لا يستطيع القاضي استدعاء الشهود، وإن كان يقوم بواجبه بتوعية العامل بأن يبقى ضمن حدوده ولا يتطوع بتحمل مسؤولية المخالفة، علماً أنه في أحيان كثيرة يأخذ العامل براءة بعد إثبات عدم علاقته بالتسعير أو أي مخالفة أخرى، لكن ذلك يأخذ وقتاً طويلاً ويضيع وقت القضاء في أمر يفترض ألا يحصل، مستغرباً قبول موظف التموين تنظيم ضبط تمويني بحق عامل في فرن، مع أنه يفترض تنظيم المخالفة بحق صاحب الفرن، مؤكدة أن الحق يقع بالدرجة الأولى على موظفي التموين، الذين يعرفون أن الضبط يفترض أن ينظم بحق أصحاب الأفران والمحال التجارية وليس العمال.
التحصين ضروري

وعند سؤال القاضية حسين إذا ما كان هناك مخالفات بحق “الكازيات” باعتبار أن الفساد في ملف المحروقات كبيرة في مدينة حلب، أكدت القاضية حسين أنه رغم مخالفات الكازيات الواضحة، لكن لم ينظم أي ضبط تمويني بحق أي كازية حتى الآن رغم وجود مافيات للمحروقات كما الأفران.
ولفتت القاضية حسين إلى أنه إذ لم يصلح حال الجهات المسؤولة عن ضبط الأسواق ومنها المراقبون التموينيون، سنبقى ندور في حلقة مفرغة، داعية إلى اختيار موظفي التموين بدقة ومنع الوساطات في التعيين ومنحهم رواتب وحوافز مغرية تحصنهم وتمنعهم من التفكير في الرشاوى، التي تعد ابتلاءً كبيراً في ظل آثارها السلبية على كل مناحي الحياة، بالتالي من الصعب الوصول إلى هذه الغاية إذ لم يتخذ حزمة إجراءات لضبط التموينيين وتحصينهم مادياً ومعيشياً، وهذا يتحقق بإصلاح سلم الرواتب والأجور، فبدون ذلك يستحيل الإصلاح في التموين وكل المؤسسات عموماً.

لم ترد أي شكوى من التجار بخصوص تقاضي مراقبي التموين رشاوى

رفض مطلق
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أحمد السنكري رفض الاتهامات الموجهة لموظفي التجارة الداخلية في حلب، وتقصير الدوريات التموينية بمراقبة الأسواق وضبطها وعدم تنظيم ضبوط بحق التجار الكبار والاكتفاء بتجار المفرق والعاملين عندهم، حيث أكد أنه تنظيم ٥٦٦١ ضبطاً عدلياً وعينياً تنوعت بين البيع بسعر زائد وعدم توافر فواتير والامتناع عن البيع والغش والتدليس والاتجار بمواد إغاثية والاتجار بالدقيق والخبز وضبوط محروقات وغيرها.
وأشار السنكري أن قيمة الغرامات وصلت إلى ٧٧,٦ مليار ليرة، مبيناً أن بعض الضبوط لا تحول إلى القضاء نتيجة جنوح بعض التجار إلى التسوية ودفع قيمة المخالفات المفروضة عليهم.
مخالفات تجار الجملة
وفيما يخص عدم ملاحقة تجار الجملة الكبار والاكتفاء بتجار المفرق بين مدير التجارة الداخلية في حلب أنه تم تنظيم ما يقارب ١٦٨٢ ضبطاً بحق بائعي جملة ومنتجين ومستوردين خلال عامي 2023 و 2022، في كل من مناطق جب القبة والمشارقة وسوق الهال والشيخ نجار، حيث تنوعت الضبوط بين عدم إعطاء فواتير بالجملة والبيع بسعر زائد بالجملة وعدم تقديم بيانات تكلفة وإنتاج وطرح مواد مخالفة للمواصفات، إضافة إلى سحب عينات من منتجاتهم المطروحة في الأسواق للتأكد من مطابقتها المواصفات القياسية السورية، إذ تم حجز 17 طن سكر للمخالف ع.ش في منطقة جب القبة ومصادرة 200 كغ جوز للمخالف ع.ر في منطقة جب القبة، ومصادرة 460 كغ جوز للمخالف م.ب في منطقة جب القبة ومصادرة 380 كغ من مادة الجوز للمخالف أ.ز في حي الأعظمية و مصادرة 180 كغ جوز في حي الفرقان للمخالف ح.س، ومصادرة 1300 كغ تمر للمخالف أ.ط في حي المشارقة، إضافة إلى ذلك نظم 130 ضبطاً بحق تجار جملة سوق الهال لعدم تداولهم فواتير والبيع بسعر زائد بالجملة.
لا شكوى
وعن جنوح موظفي التموين في حلب إلى تنظيم ضبوط بحق العاملين في المحال التجارية وترك أصحابها، أكد السنكري أنه يحق لمراقبي التموين تنظيم الضبط بحق القائم بالعمل وفق القانون، وخاصة أن إقراره بذلك بموجب تصريح خطي بأنه المسؤول عن العمل وإدارة المحل التجاري.
وفيما يتعلق بفساد بعض مراقبي التموين أكد مدير التجارة الداخلية في حلب أنه لم يرد أي شكوى من التجار على اختلاف تصنيفاتهم بتجاوزات موظفي التموين، علماً أن هناك رقابة داخلية تتابع عمل الموظفين ومراقبي التموين، إضافة إلى الأجهزة الرقابية الأخرى، مشيراً إلى تضمين قانون حماية المستهلك رقم ٨ عقوبات مشددة بحق مراقب التموين في حال ارتكابه؛ أي مخالفة، أو تجاوزاً خارج المهام الموكلة له، ما يجعل أي مراقب يبتعد عن مثل هذه الممارسات المسيئة لمديرية التجارة الداخلية في حلب، التي ترفضها بالمطلق وتحاسب أي موظف يرتكبها إن حصلت.
ت- صهيب عمراية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إجراء أول عمليتي زراعة حلزون ضمن برنامج الكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة بحضور وزير الإعلام.. ندوة حوارية في وزارة الخارجية عن سمات وخصائص العلاقات السورية- الروسية بمناسبة مرور 80 عاماً على إقامتها وزير الزراعة السوداني يطلع على التجارب الزراعية لـ"أكساد" في اللاذقية لليوم الثاني.. مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2024 يتابع أعماله.. رؤية جديدة لتأهيل الطلاب والاستثمار في الفكر البشري «سديه تيمان» والوحشية الإسرائيلية التي لا حدود لها.. المنطقة تترقب جهود الاحتواء الدولية و«رد» الكيان ما زال رهن مخاوفه بهدف اختبار الأداء والجاهزية.. البحرية الروسية تجري تدريبات قتالية بمشاركة أربعة أساطيل من السفن ووحدات الطيران البحري «الأم السورية شمس لا تغيب» فيلم «ديكودراما» يوثق دور المرأة السورية خلال سنوات الحرب أهمها تدهور الذاكرة والإدمان.. تأثير العالم الافتراضي في الصحة غير مسبوقة منذ سنوات.. تقديرات إنتاج الفستق الحلبي لهذا العام تفوق ٧٧ ألف طن ١٥.٧ مليار ليرة ديون تأمينات حماة على القطاعين العام والخاص  و ١٣ ملياراً  تحصيلات