بالأرقام.. مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2024.. حلقة نقاشية تُعيد تقييم معدلات النمو والتضخم

دمشق– بارعة جمعة:

تأزم الوضع المعيشي وتراجع في معدلات النمو المحلي، ارتفاع في معدلات البطالة يُقابلها ضعف القدرة الشرائية للمواطن.. عناوينٌ عريضة حملتها خواتيم عام 2023، ضمن صيغة أزمات مُتلاحقة أفرزت الكثير من الظواهر السلبية في المجتمع، فماذا عن تقديرات النشاط الاقتصادي للعام المُقبل 2024؟.. تساؤلاتٌ عدة طرحتها عضو مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية السورية الدكتورة رشا سيروب، ضمن حلقة نقاشية لشرح تفاصيل موازنة العام القادم، وما ستحمله من تبدلات في حالة الاقتصاد السوري في ملخص للمؤشرات الاقتصادية الناتجة عن توزيع النسب ضمن صيغة الموازنة.

التمويل والعجز

عادةً ما يلجأ الاقتصاديون لمبدأ المُقارنات لما فيه من تبيان لمعدلات النمو والتراجع بين نسب تُعد الأكثر تأثيراً فيما لو لم يتم النظر إليها، من هنا انطلقت الدكتورة رشا سيروب في وضع النقاط الأولى، آخذةً معدلات الإيرادات والإنفاق العام التي بلغت 35.5 تريليون ليرة سورية الموازنة كمثال لإثبات العجز الحاصل والفجوة الكبيرة بين الطرفين، ولا سيما أن موازنة عام 2023 أظهرت الفارق الكبير بين الحالتين، ليبلغ إجمالي العجز المُقدر نسبة 93.5%، بالمقابل نجد أن هناك ارتفاعاً بسعر صرف الدولار 283.33%.

د. سيروب: لم يتمكن العجز من زيادة الناتج المحلي الإجمالي.. كما أن 90 % منه يُمول من القروض الداخلية ومن طباعة النقد

أمام هذه الارتفاعات، وبالرغم من تضخم العجز، إلا أنه لم يشكل سوى 8.28% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023 و 10.6 % عام 2022 ، أي لم يتمكن العجز من زيادة الناتج المحلي الإجمالي وفق سيروب، التي أكدت أيضاً أن 90 % من العجز يُمول من القروض الداخلية ومن طباعة النقد، بينما نلاحظ أن معدل نمو العرض النقدي لا يتناسب مع معدل النمو الاقتصادي، أي إن العوامل النقدية من أهم العوامل التي ساهمت في رفع مُعدل التضخم في سورية، كل ذلك يقود برأي سيروب لنتيجة مفادها عدم الكفاءة في الإنفاق العام.

هل ضخامة الإنفاق تدعم التنمية الاقتصادية؟

تساؤل مهم، يفرض نفسه وسط الكثير من التراجع في النشاطات التنموية العائدة بشكل رئيس لتراجع الإيرادات كما يُقال.. إلا أنه وفي النظر لما تم رهنه للاعتمادات الاستثمارية ضمن موازنة عام 2024، البالغ 25% وهي نسبة تُعد مُحسنة وفق قراءة الدكتورة سيروب، لكنها ستبقى منخفضة وغير قادرة على دعم التنمية الاقتصادية (إيجاد فرص عمل، زيادة الناتج المحلي الإجمالي …)، خاصة أنه وبالمقارنة مع السنوات الثلاث السابقة تكون النسبة منخفضة جداً، وبالتالي شكلت خللاً هيكلياً في دعم الاقتصاد، وإذا ما دققنا بنسب التنفيذ في موازنة 2023 نجد أنها لم تصل إلى 60% في الربع الثالث.

د. سيروب: ما تم رهنه للاعتمادات الاستثمارية ضمن موازنة عام 2024، البالغ 25% ستبقى نسبته منخفضة وغير قادرة على دعم التنمية الاقتصادية

تُشكل الديون والالتزامات واجبة الأداء الوزن النسبي الأكبر من الاعتمادات الجارية (التزامات الدين العام، اعتمادات غير موزعة، ديون كهرباء أدوية …)، في حين انخفضت تدريجياً مجموعة نسب الرواتب والأجور والنفقات التحويلية من الاعتمادات الجارية بعد العام 2021 من 67% إلى 43%، و أكثر من 57% من الاعتمادات هي نفقات إدارية وديون والتزامات واجبة الأداء، وهو ما يُفسر عدم انعكاس الموازنة على تحسين الواقع المعيشي للمواطنين وفق قراءة د. سيروب.

أسباب موجبة

مظاهر سلبية كان أبرزها التضخم وتدهور المستوى المعيشي، حملت الكثير من الأسباب التي اختصرتها سيروب بقولها: ” تركيبة الإنفاق (عدم الكفاءة في الإنفاق الحكومي) وسياسة التمويل بالعجز (نمو المعروض النقدي).. من أهم العوامل التي ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم وتدهور المعيشة للمواطنين”، فضلاً عن وجود مُستهدفات لمشروع الموازنة.

كل ما ذُكر آنفاً يقودنا لنتائج مهمة، استعرضتها عضو الهيئة التدريسية في كلية الاقتصاد – جامعة دمشق د. رشا سيروب كخلاصة يجب الانتباه لها وربما استدراكها إن صح التعبير، تمثلت في عدم الموضوعية في اعتماد الموازنة على أرقام غير حقيقية ولا تستند على أسس موضوعية لتمويل الإنفاق العام، وعدم العدالة في توزيع الدخل باعتماد الرسوم والضرائب غير المُباشرة في زيادة الإيرادات، ما أنتج بدوره سياسة مالية لصالح رأس المال، أي إن الضرائب على الأجور أعلى بكثير من الضرائب على رأس المال، يُضاف لذلك عدم الاستثمار الأمثل لأملاك الدولة لعدم استثمار إيراداتها بالشكل الصحيح، وبقاء ما يُسمى التهرب الضريبي، حيث إن الضرائب المُباشرة لا تُشكل وزناً نسبياً في هيكل الإيرادات.

ليبقى العجز ضمن مفهومه الاقتصادي هو إنفاق وإيرادات، بينما تكمن المشكلة الحقيقية في ضعف الإيرادات العامة للدولة الناتجة عن التهرب الضريبي وعدم الاستثمار الأمثل لأملاك الدولة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
المقداد: العدوان الإسرائيلي على غزة أسقط شعارات الغرب ومزاعمه وكشف نفاقه وافتقاره للقيم الإنسانية أعمال تنتيج مواد شهادة التعليم الأساسي لا تزال مستمرة والإعلان عن موعد إصدار النتائج قبل 48 ساعة 1200 فيلم وسيناريو تقدّم للمشاركة في مهرجان كوثر الدولي السينمائي في إيران "الزراعة" تناقش الخطة الزراعية المقبلة: وضع رقم إحصائي ومراجعة بروتوكول إنتاج بذار القمح والترقيم الإلكتروني لقطيع الثروة الحيوانية برنامج ماجستير تأهيل وتخصص في التنمية المجتمعية بالتعاون بين الجامعة الافتراضية السورية ومؤسسة التميز التنموية إطلاق أول اجتماع لشرح آليات تنفيذ دليل التنمية الريفية المتكاملة في طرطوس وزارة الداخلية تنفي ما يتم تداوله حول حدوث حالات خطف لأشخاص في محلة الميدان بدمشق على خلفية مشكلة خدمة دفع الفواتير عبر الشركة السورية للمدفوعات.. "العقاري": السبب تقطع في خطوط الاتصال وتم الحل المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة» أول تجربة روسية للتحكم بالمسيرات عبر الأقمار الصناعية