انهيار العمل البلدي وهوية المدينة

تثير قضية انهيار المبنى في منطقة التضامن قضايا عديدة، تتعلق بالعمل البلدي، الذي يأتي ضمنه العمل الهندسي، ونظام العمل برخص الترميم، والأهم الإشراف الغائب عن العمل البلدي كلياً، والمتابعة الموؤدة  لقضايا العمران ورخص الترميم والتسويات!

إنه سوق نشط تحكمه كل الأعمال التي تدخل في قطاع التجارة والمخالفات، واستثمار العلاقات، وسيطرة متنفذين في مناطق عديدة، منها منطقة التضامن ومحيطها الذي يشكل نسيجاً عمرانياً مخالفاً وخطراً بكل ما تعنيه الخطورة من معنى.
فمعظم الأبنية بلا رخص، ومبنية فوق أرض كانت تمرّ منها سَواقٍ، وتربتها تحتاج إلى دراسة قبل تحميلها كل هذه الأثقال بارتفاع الأبنية غير المعقول!
إنها قضية خطرة وأدّت في دمشق إلى تخريب ممنهج،  لتحل محل الأشجار والبساتين عمارات “لزق وبلوك عالعشرة” وأحياناً بلا أساسات، ومؤونة مواد ضعيفة، وميلان واضح وأدراج ضيقة، واكتظاظ سكاني كبير!
هل أعماكم المال إلى هذه الدرجة؟! وأدتم هوية المدينة، وقطعتم أشجارها وبساتينها، وعمرتم فوق السواقي، وجففتم نهرها، وأبدتم غوطتها!
ولكن الجريمة  الكبرى هي الاستهتار بأرواح البشر الملهوفين على سكن في ظل أزمة الإيجارات الخانقة التي يعجز المواطنون أمامها عن دفع ما يترتب نتيجتها لتغطية حاجتهم إلى مأوى، المواطنون الذين هم خبز أرباحكم وطحين غذائكم!
القضية كبيرة وتحتاج إلى إعادة النظر كلياً بالعمل البلدي، وإخضاع رخص الترميم إلى المخططات، إن وجدت، وإلى رأي مهندسين مختصين بالجيولوجيا والعمارة و الإنشاءات، وهذه الاختصاصات يجب أن تتوفر في كل بلدية.
ثم، لماذا اتساع مجال عمل البلديات في ظل غيابٍ لمعظم الإمكانات المطلوبة للإعمار ومراقبته؟!
أيضاً يجب أن تخضع رخص الترميم إلى الأتمتة، ووضع ضوابط وشروط قاسية لها، وعدم دخول “الشخصنة” والوساطات فيها.
من المؤسف أن نتحدث عن التطوير الإداري، ونشتري كل التجهيزات الحديثة ولا نعمل بها ! أليس هذا عجيباً ومستهجناً؟!
إنها قضية أرواح وهوية مدينة وخدمات بنية تحتية تكشف غول الفساد المخرّب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار