الأحراج وأنين الاستباحة
ليس مستغرباً في ظل التعديات الجائرة التي طالت معظم مواقعنا الحراجية وغاباتنا خلال السنوات الماضية، أن يكون للتغيرات المناخية تأثير أشد على منطقتنا من غيرها، وخاصةً لجهة زيادة مخاطر الجفاف، الذي لا يؤثر سلباً في البيئة المحيطة بنا فقط، بل ويتسبب بتراجع الإنتاج الزراعي الذي يشكل سلة غذائنا.
وعلى ما يبدو إن تلك التعديات لم تنكفئ بعد، فضعاف النفوس عديمو المسؤولية، ما زالوا يتربصون بالأحراج والغابات، مستغلين الظروف السائدة، وكلما سنحت لهم الفرصة تجدهم يعدمون المزيد من أشجارها بقصد التحطيب والمتاجرة والتربّح غير المشروع.
إن استمرار وقوع التعديات، يعني عدم إفساح المجال أمام إمكانية تجدد الغطاء النباتي الحراجي، إن ذاتياً بالنسبة للأشجار القابلة لمعاودة النمو، أو ترميماً وترقيعاً بالنسبة للغراس التي تزرعها الجهات المعنية ضمن خططها.
لا شك في أن ما يحدث قد ضرب عرض الحائط بكل مفاهيم الإدارة الرشيدة للغابات والأحراج وتحقيق الاستدامة لها، وبدّد المنافع الاقتصادية المتوخاة منها، كما أضرّ بالبيئة وفاقم الجفاف وخرّب نسيج التنوع الحيوي، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فنحن أمام معضلة بيئية وزراعية قادمة.
في هذا الشأن، لا يمكن إغفال دور الجهات ذات العلاقة، التي لا تدّخر جهداً في سبيل الحدّ ما أمكن من التعديات، وتنظم العديد من الضبوط بشأنها، مع إحالتها للقضاء المختص لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، لكن ذلك بالتأكيد لا يكفي، لأنه لا يشكل رادعاً ضمن الظروف الراهنة، ولهذا تبرز هنا ضرورة اعتبار حماية ثروتنا الحراجية التي ننتفع منها جميعاً مسؤولية مشتركة، تتكاتف خلالها جهود كلّ من الضابطة الحراجية والمجتمع المحلي والجهات المختصة، لعل ذلك يسهم بإنقاذ ما تبقّى من حراجنا.